الجديد

"حزب الحكومة" محور لقاء الغنوشي بالسبسي الابن !

منذر بالضيافي
بعد “جفوة”، و اعلان “قطيعة”، بين ” حركة النهضة “، والقيادة الحالية لحركة “نداء تونس”، بزعامة نجل الرئيس، حافظ قايد السبسي، وفي خطوة “مفاجئة” انتظم أمس الاثنين 4 مارس 2019، لقاء هام بين راشد الغنوشي وحافظ قايد السبسي.
هذا “اللقاء الحدث”، اثار العديد من التساؤلات، حول مستقبل حكومة يوسف الشاهد، وكذلك حول التحالفات السياسية القادمة، عشية الذهاب للاستحقاقات الانتخابية، المقررة لنهاية السنة الجارية. فهل يكون اللقاء الأخير مقدمة لعودة “توافق الشيخين” ؟ أم أن الأمر قضي والعجلة لا يمكن أن تدور للوراء؟
برغم التكتم الكبير عن فحوى اللقاء، باستثناء جملة “مقتضبة جدا”، وردت في الصفحة الرسمية لراشد الغنوشي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ورد فيها ما يلي: “التقى الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة اليوم الاثنين 4 مارس 2019 رئيس الهيئة السياسية لحركة نداء تونس السيد حافظ قائد السبسي وتناول اللقاء الوضع السياسي العام في البلاد”.
فان لقاء الغنوشي بالسبسي الابن له أكثر من دلالة، وليس مجرد “جلسة” للاعلان عن “مصالحة” بين “الرجلين” أو بين الحزبين، بقدر ما هو في علاقة بمستجدات المشهد السياسي وخاصة الحزبي، بعد الاعلان الرسمي عن حزب “حركة تحيا تونس” .
من حيث الشكل، فان الاعلان عن اللقاء، في الصفحة الرسمية للغنوشي، وبالتالي اخراج الخبر للرأي العام، يعد في حد ذاته مهم ويحمل أكثر من رسالة والى أكثر من جهة، فضلا على كونه يعد أيضا رسالة داخلية لإطارات وقيادات الحركة.
وهنا تجدر الاشارة، الى أن “حبل الود”، “العاطفي” والسياسي، لم ينقطع بين “الشيخين”، و بين “النهضة” و”نداء تونس”، ممثلا في زعيمه المؤسس، الباجي قايد السبسي، الذي جمعته في الفترة الأخيرة لقاءات بالغنوشي  كذلك اتصالات هاتفية، برغم حالة “التوتر” الظاهرة، خصوصا بعد “تحريك” الرئيس السبسي، لملف “الجهاز السري”، وعرضه على أنظار مجلس الأمن القومي.
كما أن “التواصل” لم ينقطع بين “النهضة” وبعض قيادات حزب “نداء تونس”، هذه القيادات التي سبق لها وأن أعلنت عن عدم “تحمسها” لإعلان “فك الارتباط” بين الحزبين، وانهاء “التوافق”، على غرار القيادي “المؤثر” و “الوازن” في النداء، عبد الرؤوف الخماسي، الذي كان الأسرع في التعبير عن “مباركته” بلقاء الغنوشي والسبسي الابن.
في هذا السياق، يجب أن نفهم ونضع لقاء الاثنين بين راشد الغنوشي وحافظ قايد السبسي، برغم حصول “توتر” سابق في العلاقة بين الرجلين، جعلت شيخ النهضة يغضب، ويقرر “القطع” ونهائيا مع حافظ قايد السبسي، قبل ان تجرى مياه المصالحة، لتثمر العودة للجلوس من جديد.
أما الدلالات “المضمونية” (المحتوى)  للقاء – وان كانت “شحيحة” -، ومن الطرفين فان الحديث دار حول تطورات المشهد السياسي الحالي، وقد “تناول اللقاء الوضع السياسي العام في البلاد، وفق ما دون الغنوشي على صفحته الرسمي على “فيسبوك”.
وبعيدا عن البيان المقتضب الذي نشر على صفحة الغنوشي، فان مصادر مطلعة داخل حركة “النهضة” أكدت لموقع “التونسيون” أن موضوع لقاء الاثنين، قد خصص للنظر في “استمرارية الحكومة الحالية”، على ضوء تصاعد “التخوفات”، من وجود “توظيف” و “استغلال”، لمقدرات الدولة لفائدة ما أصبح يعرف ب “حزب الحكومة”، في اشارة لحزب “حركة تحيا تونس”، المحسوب على رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وهي “تخوفات” نلاحظ أنها تحولت الى “محل اجماع” لقطاع واسع من السياسيين ومن النخب وأيضا من الأحزاب السياسية، بما في ذلك الشريكة في “الائتلاف الحكومي” الحالي، وتحديدا الشريك الرئيسي، حركة “النهضة”، التي عبر عدد من قياداتها عن هذا التخوف بشكل علني خارج وداخل مؤسسات الحركة وفي الاعلام، الى درجة “التلميح” الى أمكانية تأثير مثل هذه “التخوفات” على شفافية الانتخابات القادمة، بما يعني أن هناك “مناخ سياسي” قد يؤثر سلبا على الاستحقاقات القادمة، في ظل “الاتهامات” التي توجه لحركة “تحيا تونس”، بتوظيف اجهزة الدولة وأيضا توظيف “الرموز” ( الادارة والوزراء) ل “التموقع” في الساحة السياسية، وبالتالي التأثير على الناخبين.
كما لم يعد خاف أن حركة “النهضة” بصدد دراسة مسالة توفير كل الضمانات لانتخابات حرة وفي مناخ تنافسي سليم لكل الأطراف والقوى السياسية، وهو ما يفسر انصات راشد الغنوشي لكل الأصوات التي تثير هذه “التخوفات” داخل وخارج الحركة.
في هذا الاطار، نذكر بتصريح رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني لوكالة تونس افريقيا للأنباء يوم الأحد 3 مارس 2019 “بأن الحركة تؤكد على أهمية تفرّغ الحكومة للعمل الحكومي دون غيره، من أجل مجابهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتهيئة المناخ الملائم لإنجاح الانتخابات القادمة”.
وتابع الهاروني وفي شكل طلب توضيح “رسمي” من رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، أنه “مطالب بتوضيح جملة من المسائل، أهمها إن كان سيرأس الحزب المنسوب له، (حركة “تحيا تونس”)، وإن كان كذلك سيترشح للإنتخابات كرئيس لهذا الحزب، وذلك حتى لا يتم الخلط بين العمل الحكومي والنشاط الحزبي”.
وبين الهاروني بأن النهضة حريصة على التشاور مع الشاهد بشأن “شروط نجاح المرحلة القادمة التي تقتضي تحييد الحكومة والإدارة وأجهزة الدولة عن الصراع الحزبي”. .
يبرز أن هناك “انشغال” و “اهتمام”، داخل مؤسسات “النهضة”، وعند رئيسها راشد الغنوشي، بما يتناقل من “تخوفات”، حول “المناخ الانتخابي”، التي ستتم في اطاره الاستحقاقات الانتخابية، المقررة لنهاية السنة الجارية.
ولعل هذا ما يفسر التصريح الذي قام به راشد الغنوشي خلال زيارته لمدينة المنستير منذ أيام، حيث قال: “إنهم بصدد التشاور مع كل الأطراف بشأن الإبقاء على حكومة يوسف الشاهد إلى حين الانتخابات المقررة آخر 2019، أو تغييرها بحكومة تكنوقراط أو حكومة انتخابات”.
وأضاف الغنوشي في تصريح لإذاعة جوهرة اف ام الأحد 17 فيفري 2019 خلال إشرافه على تجديد هياكل الحركة بولاية المنستير، “ان فرضية تغيير الحكومة قبل الانتخابات غير مستبعدة”.
فهل يندرج لقاء الأمس مع حافظ قايد السبسي المدير التنفيذي لحركة “نداء تونس” ضمن “تفعيل” هذه المشاورات التي تحدث عنها الغنوشي؟ أم أن شيخ مونبليزير يحاور السبسي ويدعم الشاهد ؟ أم أن بوصلة “الشيخ”  لا تأمين استمرار  حزبه في الحكم فقط بل البحث عن شريك دائم تحكم معه يكون بمثابة “غطاء” سياسي تسوق من خلاله لصورتها في الخارج الذي ما زال في طور “اختبار” حركات “الاسلام السياسي”؟

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP