الجديد

النهضة تتصدر المشهد السياسي ب 500 ألف ناخب .. انتقال ديمقراطي بلا حاضنة شعبية !

منذر بالضيافي
كشف سبر الآراء الصادر اليوم الثلاثاء 19 مارس 2019 ( بالتعاون بين مؤسسة سيغما كونساي وجريدة المغرب) عن تصدر “حركة النهضة”  لنوايا التصويت في الانتخابات التشريعية، وذلك بنسبة  24،7 بالمائة، متقدمة على حركة “نداء تونس”، التي احتلت المركز الثاني بـ20 بالمائة، بفارق 4 فاصل 7 بالمائة، وذلك للشهر الرابع على التوالي.
في مقابل التشريعيات فانه يتواصل غياب الاسلاميين في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، فقد غاب تواجد أي من قادة “النهضة” أو حتى من القريبين منها، في ترتيب “الخمسة الكبار”، في نوايا التصويت للرئاسيات المقبلة، وهو أمر له أكثر من دلالة.
برغم “تفكك” حزب “نداء تونس”، فان تقدم النهضة عليه يعد ضعيفا، وهذا ما يفسر استفادة هذا الحزب من تشتت ما يعرف بالأحزاب “الوسطية” و “الديمقراطية”، كما تكشف الأرقام التي تحقق عليها الاسلاميون، بين انتخابات 2011 و2018 (البلدية) عن خسارة حوالي مليون ناخب، وبهذا فان الحركة تتحكم في المشهد السياسي بحوالي نصف مليون ناخب.
ويتوقع أن يتراجع هذا الخزان الانتخابي لحركة “النهضة”،  في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وذلك بالنظر لتحملهم وزر فشل حصيلة منظومة الحكم، التي يعتبرون أحد أركانها، فضلا عن تآكل “شرعيتهم الشعبية” التي كانت قائمة على فكرة الاقصاء والمظلومية”، دون أن ننسى نهاية السردية التي كانت سائدة لسنوات طويلة، بأن الاسلاميين لا يخسرون في كلل استحقاق انتخابي ديمقراطي، وهذا ما أكدته انتخابات 2014.
لعل هذا ما يفسر حرص الحركة، على الانطلاق  في حملة انتخابية مبكرة، ومن معاقل الحركة التقليدية، ونعني هنا “الجنوب التونسي”، الذي أعطى الحركة 22 نائبا في تشريعيات 2014، وذلك على خلاف ما ذهب اليه راشد الغنوشي في جولته الأخيرة للجنوب، من كون هذه الجهة تعتبر “مضمونة”، وأنه لذلك لا تعتبر زيارته لها “حملة انتخابية” سابقة لأوانها.
فتحرك “النهضة” في شخص رئيسها في ما يعرف “بالمعاقل التقليدية”، يشير الى وجود تخوفات جدية وحقيقية من تراجع شعبية الحركة، وهي التي حرصت بكل السبل على عدم مغادرة الحكم منذ 2011، ولذلك ستجد نفسها أمام استحقاق دفع ضريبة الفشل في الحكم، فضلا عن تحميلها للمسؤولية السياسية والأخلاقية، عن ما حصل زمن حكم الترويكا التي كانت تقودها، بين 2012 و 2014، خصوصا في ملفات من “الوزن الثقيل”، على غرار “الاغتيالات السياسية” و “التسفير” (تسفير الالاف من الشباب لبؤر التوتر ) و “غزوة السفارة الأمريكية” و”الجهاز السري” الذي اثار الكشف عنه ارتباكا كبيرا في صفوف الاسلاميين.
تبرز “قوة النهضة” من تشتت القوى المنافسة لها، كما أن تراجع خزانها الانتخابي يكشف عن تراجع وانحسار شعبية التيار الاسلامي، الذي عجز في امتحان الحكم، ليتبين أن هذا التيار لا “يتمدد” الا في أجواء ومناخات “الأنظمة السلطوية”، وان اختبار تهافت “مشروعه” لا يكون الا في مناخات الحرية والديمقراطية، والتي تبين أنه يبقى في طور “الجماعة” المعزولة مجتمعيا وثقافيا.
يبرز تراجع المشاركة الشعبية في الاستحقاقات الانتخابية، أن المستفيد الأول منها هو الاسلاميين لأنهم “جماعة” منظمة و منضبطة، على خلاف بقية التيارات التي تعاني من التشتت والانقسامات وصراع الزعامات، وهو ما حصل في الاستحقاق البلدي في ماي 2018.
كما يكشف تراجع منسوب الثقة في الأحزاب السياسية والمدنية، الذي أكدته نسب المشاركة الضعيفة في الانتخابات، ومقاطعتها من قبل الناخبين، والذي يتوقع أن يعاد انتاجه في انتخابات أكتوبر ونوفمبر القادمين، عن عمق أزمة الانتقال الديمقراطي في تونس، الذي اصبح بلا حاضنة شعبية وتم الاستفراد به من قبل النخب، زيادة على أنه لا يمكن بناء ديمقراطية دون أحزاب قوية ومؤثرة ومسيرة بشكل ديمقراطي، وهذا ما تفتقد “ديمقراطيتنا الناشئة”.
ملاحظ أخيرة، حول نتائج سبر الآراء الذي نشر اليوم، الذي تننقصه معلومة مهمة جدا، تتمثل في عدم الافصاح عن  نسب الممتنعين عن التصويت و المترددين، الذي سيكشف على تراجع في شعبية الأحزاب ويبين أن الحزبين المتصدرين في تراجع وليس الأحزاب الاخرى في حالة صعود.
كما أن “سيغما كونساي” كانت تنشر نتائج نوايا التصويت التلقائية، وفي هذه المناسبة  قامت بنشر  نوايا التصويت بالقائمة، وبما أنها طويلة لذا فان المستجوب بالهاتف، لا يمكن له أن يستحضر كل القائمة، وهو ما يؤثر على الأجوبة.
 
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP