الجديد

رئاسيات 2019: انتصار ارادة "المهمشين"

خديجة زروق
تعتبر نتائج الدور الاول للانتخابات الرئاسية مفاجأة خاصة في دلالاتها رغم ان عدة اشارات قد سبقتها لتؤكد قرب انهيار المنظومة التي وقع وضعها منذ جانفي 2011 .
لقد حملت الانتخابات التشريعية الجزئية بألمانيا ثم الانتخابات البلدية اشارات لا تخطئها العين بان شروخا قد تسربت للمنظومة و ان هذه الشروخ تهدد اذا ما تواصلت بانهيار النظام .
و لا يتعلق الامر بالنتائج التي افرزها الدور الاول بتغير في ملمح المترشحين الفائزين مقارنة بانتخابات 2014 بل بتغير في اسس الاستقطاب و الجمهور المستهدف . الباجي قائد السبسي و منصف المرزوقي وصلا في رئاسيات 2014 من خلال الصراع حول طبيعة النظام السياسي و من خلال المراهنة على خلق استقطاب مجتمعي حول علاقة اللحظة الحاضرة بالماضي .
في المقابل نجد كل من قيس سعيد و نبيل القروي قد اختارا التفاعل مع التحولات الديمغرافية التي يعيشها المجتمع التونسي .
استاذ القانون الدستوري اختار التوجه للشباب و هو يدرك جيدا ان هذه الشريحة هي التي افقدت نظام الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي مشروعيته و لكنها بقدر ما كانت وقود التغيير و قادحه فان وضعها لم يتحسن خاصة بالنسبة لحاملي الشهادات العليا.
الشباب الذي عجزت الطبقة السياسية الحالية عن مد جسور التواصل معه اقام به قيس سعيد شبكة بعيدة عن الانظار و لكنها فاعلة و حافظ من خلال خطابه على تقدير لهذه الشريحة و لم يشكك في اهم انجاز تتماهى معه و هو “ثورتها” .
اعاد قيس سعيد بناء علاقة التماهي و الاعجاب التي تربط التلميذ و الطالب بأستاذه خاصة حين يبدي هذا الاستاذ زهدا و ترفعا عن كل مظاهر الثراء و التهافت على الظهور . من هذه الزاوية يمكن اعتبار تصويت الشباب لقيس سعيد فعلا شبيها بثورات الجامعات التي عاشتها المجتمعات الاوروبية في القرن الماضي و هي رد لاعتبار الجامعة و الشباب و العلم .
القاعدة الانتخابية لنبيل القروي اغلبها من الشيوخ و ضعاف الحال الذين لم تلتفت اليهم “المنظومة الجديدة” بل افقدتهم مكاسب قد تكون بسيطة و “تافهة ” و لكنها افضل من التجاهل التام .
نبيل القروي عوض الدور الابوي للدولة في قدرتها على الاحاطة و الرعاية و التدخل لنجدة من يعاني من ظروف صعبة . و تجاوز نبيل القروي ذلك الى وضع شبكة تضامن فاعلة شارك فيها تونسيون و تونسيات قدموا مساعدات هامة لتونسيين و تونسيات هم في امس الحاجة اليها .
من الناحية السوسيولوجية فان مراهنة قيس سعيد و نبيل القروي على العامل الجيلي يعتبر دليل تحديث للممارسة و تفطن الى تغير اسس الاستقطاب و الانتماء في المجتمعات المعاصرة اذ عوضت الاعتبارات الديمغرافية و الجندرية العامل الطبقي.
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP