الجديد

فك الارتباط بين "تحيا تونس" و "النهضة" !

منذر بالضيافي
من خلال رصد للمواقف الأولية من نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التي دارت الأحد الماضي والتي كانت نتائجها – وان هي في الواقع متوقعة – بمثابة زلزال خاصة في “بيت السيستام”، وتحديدا حزبي الائتلاف الحاكم ( تحيا تونس وحركة النهضة) اللذان منيا بهزيمة، يمكن القول أن البلاد دخلت معها مرحلة جديدة، سوف تحدد مسار الانتقال الديمقراطي “الهش” والذي يعرف حالة من الانكماش والجمود منذ فترة.
و يتوقع أن تستمر وتتواصل تداعيات زلزال الأحد 15 سبتمبر 2019 في الانتخابات التشريعية المقررة ليوم 6 أكتوبر القادم، اذ من الصعوبة بمكان ان يتمكن المنهزمون من التدارك.
كما يتوقع ايضا أن تكون نتائج الأحد الفارط، وراء نهاية التحالف بين “تحيا تونس” و حركة “النهضة”، وبالتالي انهاء “التوافق السياسي” الذي حكم البلاد بعد انتخابات 2014، الذي وضعه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، مع حركة النهضة التي استعاضت عنه بتحالف أو شراكة مع يوسف الشاهد.
أعادت نتائج الدور الأول من الرئاسيات خلط الأوراق لتفرز مشهد سياسي مفتوح على كل السيناريوهات، نتائج خلقت “كابوس” لا يفهم في الواقع الا بما أدى اليه، فقبلها اضطر  الغنوشي وحزبه الى تقديم مرشح للرئاسيات من داخلها، برغم أنها كانت تخطط لعصفور نادر من خارجها، لولا وفاة الرئيس وما تلاه من انقلاب في الروزنامة الانتخابية، الأمر الذي وضع مخططات وحسابات شيخ مونبليزير في الماء، خاصة في علاقة ب “الحليف الاستراتيجي”، يوسف الشاهد، الذي يبدو أن الغنوشي قد وضع كل بيضه في سلته.
لاحظنا أن مقدمات التباعد أو “فك الارتباط” بدأت من خلال تضارب في المواقف والتصريحات تجاه ما أفرزه الدور الأول للرئاسيات، من خلال صعود كل من قيس سعيد ونبيل القروي، وهنا سارعت قيادات النهضة الى اعلان دعمها لسعيد.
الذي اعتبرت أنه الأقرب للتعبير عن “روح الثورة” وفق تصريح للغنوشي، أو “مهجة الثورة” وفق تدوينات وتصريحات لعدد من قيادات الحركة الاسلامية.
التي يبدوا أنها تريد استعادة “عذرية ثورية” بعد سنوات طوال من التنكر لها، وبعد أن بينت سنوات الحكم أنها حزب أقرب للتواصل والاستمرارية منه للقطيعة، التي يفرضها المنطق الثوري.   
في المقابل، لم نحصد تصريح قطعي من يوسف الشاهد، ومن قيادات حركة “تحيا تونس”، عن دعم صريح لهذا المرشح أو ذاك، بل أن قراءة في ما قيل تكشف على أن الشاهد وحزبه، وبرغم الخلافات الكبيرة والعميقة، مع المرشح الثاني للدور الثاني نبيل القروي، ومع المنافس الأول للشاهد في رئاسيات 2019 ، من داخل ما يسمى ب “العائلة الديمقراطية”، عبد الكريم الزبيدي.
من هنا فان باب الصلح وارد وممكن، ولا يستبعد أن تكون مباحثات قد بدأت وان بشكل غير رسمي ومعلن، وذلك لإيجاد تسويات ترضى الجميع، لا يستبعد أن لا تقصي القروي وحزبه ( فال تونس) المرشح القوى للتشريعية المقبلة.
كما ابدى الشاهد بعض “التحفظات” الجوهرية على قيس سعيد، اذ أوضح  في تعليقه على المترشح للدور الثاني للرئاسية قيس سعيد ،إنه يعرفه ككل التونسيين كرجل قانون وثقة إلا أن محيطه غير معروف الأمر الذي يطرح بعض المخاوف على نمط المجتمع التونسي خصوصا وأن شقا منهم لديه نظرة مختلف للإرهاب عن نظرة التونسيين.

وشدد على  ان البعض من محيط قيس سعيد يدعو إلى إلغاء العمل بقانون الطوارئ وإطلاق سراح حوالي 300 شخص تعلقت بهم شبهات  في قضايا إرهابية.
كما أشار إلى أن البعض من محيط قيس سعيد لديهم نزعة صدامية مع الخارج مما قد يخلق مشاكل مع الداعمين لتونس بالإضافة إلى نزعة صدامية مع المؤسسة الاقتصادية من خلال شيطنة رجال الأعمال ورؤوس الأموال.
 ومن جهة أخرى، وفي نفس الاطار الرافض لمحيط سعيد والنهضة ليست بعيدة عنه، دعا رئيس حزب تحيا تونس يوسف الشاهد أمس الجمعة 20 سبتمبر 2019 المترشح للانتخابات الرئاسية عبد الكريم الزبيدي إلى الجلوس على طاولة الحوار وتوحيد الجهود بهدف إنقاذ البلاد.
كما صرح الشاهد بأنه من الرغم من الكلام الخطير الذي قيل في حقه من قبل الزبيدي فإنه سيتجاوز ذلك بهدف توحيد الصفوف والدخول إلى الانتخابات القادمة موحدين حتى لا تتشتت الأصوات وحتى تتمكن العائلة الديمقراطية من تكوين كتلة برلمانية وازنة .
يبدوا مما تقدم أن أولى تداعيات تسونامي 15 سبتمبر هي بداية “عودة الرشد” الى مكونات العائلة الديمقراطية، وبداية تشكل اصطفافات وتحالفات جديدة، من شأنها أن تنهي “الارتباط”، الذي دام أكثر من ثلاثة سنوات بين الشاهد والغنوشي.
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP