الجديد

بمناسبة تشكيل الحكومة: المحاصصة الحزبية واعادة انتاج الفشل

بقلم: خالد شوكات*
إن “حكومة مسلوقة” قد يجري طبخها على عجل، وفيّ سياقات غير سليمة ومرتبكة وربما مشبوهة، واعتمد فيها على الأخذ بخاطر زيد وعمر من ذوي الحظوة، ستكون بالضرورة حكومة تمديد في عمر أزمات البلاد ودق لمزيد من الاسافين في جسم النظام السياسي المريض وتشجيع على سيناريوهات تتمنى وقوع عديد الأطراف في الداخل والخارج، ممن تتطلع الى إغلاق القوس التونسي في اقرب وقت ممكن..
لعل اقسى ما في الموضوع ان تقوم الشرائح الاجتماعية المعنية اكثر من غيرها بالديمقراطية بالانقضاض عليها، مثلما انقض الفقراء على تجربة التعاضد (1961-1969)، فسنوات “التسعات” كانت دائما في تاريخنا المعاصر سنوات الفيضانات. باستثناء اللقاءين التمهيديين اللذين أجريناهما مع الشيخ راشد الغنوشي باعتباره رئيسا للحزب الفائز الاول بالانتخابات، والحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف، وتقدمنا خلالهما بافكار عامة حول تشكيل الحكومة الجديدة، فإننا لم ندعى كنداء تونس لأي مفاوضات او مشاورات – او حتى جلسات اخبارية- تخص الموضوع.
قدّرنا ان رؤية المعنيين بالأمر قد اقتصرت على التواصل مع كتلة الاصلاح الوطني بالنظر الى اولوية البرلماني على السياسي ربما. وعلى الرغم من تحفظنا على هذه الرؤية في بعض جوانبها، لأن كتلة الاصلاح قد أقيمت على اساس تقني، ويبدو ان القائمين عليها ليس لديهم الرغبة في العودة الى الأحزاب المساهمة في تشكيلها، حتى ولو من باب الأخذ بالخاطر ووضع القيادات الحزبية في ضوء المستجدات الحكومية، فإننا لم نعمل – قولا وسلوكاً- على الإتيان باي امر قد يزيد طين البلاد بلّاً وأزمتها اشتعالا، فقد قررنا – ليس من منطلق الهزيمة الانتخابية إنما استشعارا للمسؤولية- ان نكون جزءًا من الحل ان امكن لا جزءا من تعميق المشكل، ولهذا غضضنا الطرف وتجاوزنا عن الأخطاء بصرف النظر اكانت مقصودة او عن حسن نيّة
لكن هذا التقدير المسؤول، لا يعفينا من ضرورة التنبيه لما نراه مؤشرات لإعادة انتاج الفشل، فما رأيناه وسمعناه ونحن على يقين من وقوعه، ان فشل الاتفاق الرباعي الاخير، قد يدفع رئيس الحكومة المكلف وحركة النهضة الى السير في اتجاه مخالف لما يجب ان تكون عليه الامور، الا وهو العودة الى منطق المحاصصة، القائم على الترضيات الحزبية والشخصية، والمهمش لشرطي الكفاءة والنزاهة، والمفعّل لمحدد الغنيمة، فيما تحتاج البلاد التي يسير اقتصادها على حافة الهوية، وتظهر في سمائها نُذُرُ الفتن والازمات، الى حكومة قوية تبنى على معايير الجودة والمصلحة الوطنية.
*المدير التنفيذي لحركة نداء تونس

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP