الجديد

انتخابات 6 أكتوبر .. الفائز فيها منهزم !

منذر بالضيافي
مثلما سبق وأن توقعنا قبل الذهاب لصناديق الاقتراع، فان نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية، التي تمت أمس الأحد 6 أكتوبر 2019، جاءت ضعيفة لتعبر لا عن “عزوف” بل عن “مقاطعة” شعبية، حيث لم تتجاوز النسبة العامة كل ما سبقها من نسب في الانتخابات التي دارت بعد انتفاضة 2011، بل هي النسبة الأضعف، بالمقارنة مع استحقاقات 2011 و 2014 وبلديات 2018.
كما لاحظنا تواصل التراجع بل الانهيار الكبير للأحزاب السياسية، بما في ذلك الحزب الذي أعلنت عمليات سبر الآراء عن تصدره للنتائج، حزب حركة “النهضة”، الذي خسر أكثر من مليون ناخب بين 2011 و2019، ولم يحصد الا 20 بالمائة في انتخابات الأحد 6 أكتوبر 2019، نسبة ستجعله في مواجهة مأزق تشكيل الحكومة المقبلة التي سيكلف بتشكيلها وفق مقتضيات دستور 2014.
فشلت كل الأحزاب الأخرى ومن كل العائلات السياسية، مثلا لاحظنا أن التشكيلات السياسية التي خرجت من جلبا “نداء تونس” بما في ذلك حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد (تحيا تونس)، خرجت بلا وزن يذكر، مقابل صعود نجم حزب نبيل القروي (قلب تونس)، الذي يمكن القول أنه مثل مفاجأة تشريعيات 2019، اذ نافس بجدية الاسلاميين، وحصد كتلة برلمانية ستكون لها “الكلمة الفصل” في مجلس نواب الشعب وفي تشكيل الحكومة.
في حين تعمقت مأساة اليسار التونسي، الذي كانت “لطخته” الأقوى والأكثر دويا، وهو الذي كان يحوز في البرلمان السابق على كتلة مهمة لعبت دور أساسي في الحياة السياسية والبرلمانية(الجبهة الشعبية).
أكدت نتائج التشريعيات ما سبق وأن بشرت به نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية التي كشفت عن تصويت عقابي للأحزاب السياسية وخاصة تلك المكونة للائتلاف الحاكم (النهضة وتحيا تونس) اللذان عجزا عن تمرير مرشحيهما ( الشاهد عن تحيا تونس ومورو عن النهضة) للدور الثاني، وهو ما مثل هزيمة مذلة لهما تواصلت ارتداداتها في انتخابات الأحد 6 أكتوبر.
فشل الطبقة السياسية الحاكمة، كان متوقعا الا لمن لا يبصرون خاصة من داخل أحزاب الحكم، وذلك نظرا لشيوع سرطان الفساد، و لحجم الفشل الكبير في ادارة الشأن العام، والذي تشهد عليه كل المؤشرات الاقتصادية، فضلا عن تردي الخدمات الأساسية، وهو ما نجم عنه اتساع لأزمة الثقة بين التونسيين والأحزاب.
نختم هذه الملاحظات الأولية حول حصاد تشريعيات 2019، بالإشارة الى أن النتائج أفرزت ومثلما هو متوقع برلمان فسيفسائي، ليتم تصعيد مجلس نيابي دون أغلبية وازنة ومؤثرة مثلما كان الحال في انتخابات 2014، وهو ما سيجعل تشكيل حكومة مستقرة عملية معقدة وصعبة.
وهو ما من شأنه أن يدخل البلاد في حالة من عدم الاستقرار السياسي، الذي ستكون له تداعياته على الوضع الاقتصادي المنهار والاجتماعي القلق وكذلك الأمني، في محيط اقليمي ودولي تغلب عليه علامات عدم الاستقرار الأمني، فضلا عن كونه مرشح ليعيش في أتون أزمة اقتصادية معولمة ستكون تداعياتها سلبية على تونس، التي تعاني اصلا من وضع اقتصادي كارثي.
في انتخابات الأحد 6 أكتوبر 2019، لا نبالغ بأن كل الطبقة السياسية خرجت خاسرة، وأن الشعب رفع في وجهها بطاقة حمراء، فالجميع خاسر وأولهم من فاز بالمركز الأول، لأنه لن يكون باستطاعته الحكم، وحتى ان حكم فانه سيعيد انتاج فشل حكومات ما بعد انتفاضة 2011، بسبب فقدانه للأغلبية التي تمكنه من ذلك، وهو ما جعل الكثير من المراقبين، لا يستبعدون الذهاب لانتخابات برلمانية سابقة لأوانها، خلال الأشهر القليلة المقبلة.
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP