الجديد

في تونس: رئيس بأغلبية كبيرة و برلمان بدون أغلبية !

تونس- التونسيون
انتصر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية التونسية بأغلبية ساحقة على منافسه رجل الأعمال والإعلام نبيل القروي، ويشترك الرجلان في أنهما خاضا المعركة كمرشحين من خارج المنظومة السياسية التقليدية.
والاثنان كانا على طرفي نقيض من حيث التركيبة الشخصية، القروي الذي يقدم نفسه كرجل الاقتصاد المرتبط بالفئات المهمشة، متهم بجرائم مالية وتم إخراجه من السجن قبل ثمان وأربعين ساعة من التصويت، ربما للحفاظ على شكل انتخابات سليمة، ذلك إن حملة انتخابية رئاسية تستدعي مهلة زمنية أكبر.
الرئيس التونسي الجديد يقدم نفسه كسياسي مستقل ومحافظ، يرفض المساواة بين المرأة والرجل في الميراث إلى جانب مواقف أخرى تؤكد صفته كمحافظ، تمتع بدعم قوي من حزب حركة النهضة، في الدورة الثانية بعد أن فشل مرشح النهضة في تجاوز الدورة الأولي، ربما لأن حزبه لم يدعمه بالصورة الكافية.
النهضة الذي كان شريكا أساسيا في السلطة، إن لم نقل الشريك الأكبر نفوذا، ومسؤولا عن القرارات الحكومية التي اتخذت خلال السنوات الماضية، ويبدو أن ذلك انعكس على النفوذ الجماهيري للحزب، والذي بالرغم من تصدره لبقية الأحزاب فإنه حصل في الانتخابات التشريعية على ١٧.٥٪ من أصوات الناخبين، بعد أن كان قد حصل على ٣٣.٤٪ من أصوات الناخبين في تشريعيات عام ٢٠١٤، بل وكان قد تمتع بالأغلبية في انتخابات المجلس التأسيسي عام ٢٠١١ مع ٥١.٥٪ من أصوات التونسيين.
في نهاية الأمر، لا تشكل المقاعد الاثنان والخمسون، التي حصل عليها النهضة في البرلمان، الأغلبية، وينبغي عليه بناء ائتلاف كبير يحصل على ثقة ١٠٩ نواب، وهي الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة، وتكمن المشكلة في أن البرلمان الذي خرج من هذه الانتخابات مفتت للغاية مع وجود سبع قوى رئيسية، أضف إلى ذلك أن حزب النهضة استبعد مسبقا التعاون مع القوى العلمانية، مما يبشر بماراثون تفاوضي صعب، يمكن أن يفضي إلى انشقاقات في الكتل البرلمانية المختلفة.
في نهاية الأمر، فإننا أمام رئيس تم انتخابه بأغلبية كبيرة، إلا أنه لا ينتمي لأي حزب سياسي، والحزب الرئيسي الذي يدعمه لا يتمتع بأغلبية برلمانية مريحة، وهي نقطة حيوية، نظرا لأن الدستور التونسي الحالي يمنح البرلمان سلطات واسعة بالمقارنة مع رئيس الدولة، ودور النواب وتصويتهم في المجالات المختلفة أصبح كبير التأثير على المسارات السياسية.
باختصار، تبدو خريطة اللعبة السياسية مختلطة وشديدة الاضطراب، وإن كان ذلك لا يعني الفشل في حكم البلاد، إذ ينبغي الانتباه إلى أن هذه التشريعيات أدت إلى تعديلات في موازين القوى السياسية.
والأهم من كل ذلك هو تثبيت مبدأ التداول السلمي للسلطة وفي إطار المجتمع المدني في تونس.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP