الجديد

تحالف غير معلن بين النهضة وقلب تونس ….هل تعمر هذه "الزيجة" طويلا ؟

أشرف شيباني
حسم رئيس حركة النهضة الإسلاميّة ، راشد الغنوشي، رئاسة مجلس نواب الشعب (البرلمان) في تونس ليتحدد بذلك ثاني أضلاع ثالوث الحكم بعد انتخاب قيس سعيّد رئيسا للبلاد خلال الشهر الماضي.
و لم يواجه الغنوشي ، أكبر نواب البرلمان سنا، صعوبة لتقلد أول منصب رسمي له منذ عودته من منفاه الإجباري سنة 2011 بعد أن حصد أغلبية مريحة ب 123 صوتا عبدت أمامه الطريق لتولي المنصب الذي وضعه نصب عينيه منذ ترشح على رأس دائرة تونس 1.
و لم يكن فوز الزعيم التاريخي للحركة الاسلامية مفاجئا للكثيرين  في ظل حالة التشرذم الذي ميزت البرلمان التونسي  و غياب كتل وازنة عدديّا ، لكن تحالف حركة النهضة غير المعلن مع حزب قلب تونس أثار دهشة الكثير من المتابعين وسط حديث عن  حصول “توافق” بين الحزبين.
و إلى غاية أيام قليلة من التصويت،  استثنت حركة النهضة الإسلامية  خصمها الليبرالي  ،الذي يرأسه قطب الأعمال و الإعلام ”نبيل القروي“، من أي تفاوض محتمل لتشكيل الحكومة الجديدة بسبب ما تعتبره ” شبهات فساد تلاحق عددا من قياداته” رد عليها حزب قلب تونس باتهام النهضة  بأنها “فشلت فشلا ذريعا في تقديم حلول اقتصادية ناجعة على امتداد الخمس سنوات السابقة”.
و اتفقت قيادات الصف الأول من الطرفين – خلال ظهورهم الإعلامي – على نفي أيّة نيّة للتحالف في المسارين البرلماني أو الحكومي.
توافق مرشح للاستمرار
و بعد أشهر من تراشق الاتهامات، يبدو حزب قلب تونس في طريقه ليكون رابع حزب يوافق على سياسة التحالف التي دأبت حركة النهضة على انتهاجها مع الأطراف السياسية الأكثر تمثيلية في البرلمان.
اذ سبق أن تحالفت  الحركة  مع كل من حزبي ”المؤتمر من أجل الجمهورية“ (اشتراكي ديمقراطي)  و“ التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات“(اشتراكي ديمقراطي)  سنة 2011 لتشكيل حكومة ” الترويكا”  ، كما أرست توافقا مع حزب ”نداء تونس“ (ليبرالي)  الفائز بانتخابات سنة 2014.
و أشار المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي ، في تصريح لموقع “التونسيون“، إلى أن  حركة النهضة ذات الأغلبية البرلمانية اصطدمت بصعوبة إقناع حركة الشعب وحزب التيار الديمقراطي  الذين ربطا دعم الغنوشي  بالتفاوض حول الحكومة ، وهو الشرط الذي رفضته النهضة ودفعها إلى إطلاق حوار مع قلب تونس لتضمن فوز رئيسها.
و كشف الجورشي أن حركة النهضة تحاول أن تتجنب الدخول في تحالف حكومي مع حزب قلب تونس ، لكنها تترك هذه الامكانية واردة عند الاقتضاء لتفادي التعطيلات.”
و تابع الجورشي :”من المتوقع أن يشرع رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي في التحاور مع مختلف الأطراف لكنه سيبدأ بالأقرب.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي رابح الخرايفي ” أن توجّه النهضة نحو فتح قنوات الاتصال مع حزب قلب تونس كان نتيجة متوقعة بعد أن  قررت معظم الأحزاب الفائزة في الانتخابات، إما عدم التحالف مع الحركة الإسلامية أو البقاء في المعارضة تحت قبة البرلمان.
و أضاف الخرايفي ، في تصريح لموقع “التونسيون“،  أن انفتاح النهضة على حزب قلب تونس سحب البساط من تحت أقدام حزبي التيار الديمقراطي والشعب الذين بدت شروطهما مجحفة لدى قسم واسع من قواعد حركة النهضة، الأمر الذي جعل هذه الأخيرة تغامر بالتوافق مع من كانت تصفه بحزب “الفساد” لكسر عزلتها دون أن تخشى تآكل خزانها الانتخابي.
و شدّد ذات المصدر على أن نجاح اختبار انتخاب الغنوشي  سينعش الآمال لتكوين ائتلاف حكومي متماسك بعد أن راوحت المفاوضات المضنية مكانها طيلة الأسابيع الأخيرة.
في هذا الإطار ، قال النائب عن حركة الشعب (قومية ناصرية) ، خالد الكريشي ، في تصريح لإذاعة “شمس فم”، أن ” حكومة ترويكا جديدة بدأت ملامحها تتبلور تضمّ حركة النهضة و ائتلاف الكرامة وحزب قلب تونس.
غموض يشوب موقف  “تحيا تونس”
و مع تغيّر وجهة التحالفات، تتّجه الأنظار إلى ” تحيا تونس” ، حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد،  بعد أن أعاد هذا التقارب الجديد توزيع أوراق اللعبة السياسيّة من جديد وجعل اتخاذ قرار نهائي بالمشاركة في الحكومة من عدمه تحدّيا للحزب الناشئ.
وفي وقت سابق، أعلن حزب ” تحيا تونس” أنه اختار صف المعارضة ولن يدخل في مفاوضات تشكيل الحكومة القادمة، رغم أن تقارير إعلامية محليّة ربطت رئيسه  ، يوسف الشاهد، بمنصب وزير الخارجية.
و أكد المحلل السياسي ، بدر السلام الطرابلسي، أن نتائج الانتخابات كشفت أن حزب تحيا تونس لم يكن من الأحزاب الوازنة في الساحة السياسية التونسية كما كان متوقعا بعد حصوله على 14 مقعدا من جملة 2017 هي مجموع مقاعد البرلمان وهذا الأمر انعكس منطقيا على موقفه من المشاركة او المقاطعة للمفاوضات حول تشكيل الحكومة القادمة.”
و أبرز الطرابلسي ، في تصريح لموقع “التونسيون“،  أنه رغم محدودية الخيارات المتاحة ، يبدو حزب الشاهد  برغماتيا ولن يرضى بالخروج من السلطة بعد أن ولد فيها “، معتبرا أنه “سيجد طريقة للمشاركة سواء من داخل الحكومة القادمة أو من خارجها كرافد اسناد لها.”
من جهته، يرى الباحث حمزة المدب أن رفض حزب “تحيا تونس” التصويت لرئيس حركة النهضة يهدف إلى إرسال رسالة للناخبين الحداثيين بأنهم الاقدر على تعويض نداء تونس وأن يكون ممثل العائلة الوسطية مقارنة بحزب نبيل القروي الذي سارع للتصويت للغنوشي و تنكر لوعوده لناخبيه.
و بدأ رئيس الحكومة التونسية المكلف الحبيب الجملي – وهو شخصية سياسية مستقلة مقربة من حركة النهضة – مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة لمدة شهر يتم تجديدها لمرة واحدة، وسط مشهد سياسي مشتت ما قد يطيل أمد مفاوضات يُجمع المتابعون أنها معقدة وشاقّة.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP