الجديد

قرطاج السينمائية: تحتفي بالسينما الإفريقية كما أراد لها مؤسسها الطاهر شريعة

تونس- التونسيون
تنطلق غدا السبت  الدورة 29 لأيام قرطاج السينمائية (3-10 نوفمبر 2018) التي سوف يعرض خلالها  أكثر من 200 فيلم من 47 بلدا وذلك في مختلف أقسام المهرجان، وهي أشرطة أُنتجت سنتيْ 2017 و 2018.
وبحسب مدير الدورة  نجيب عياد فان فلسفة المهرجان في دورته الحالية  قد بُنيت على الثوابت التي تأسس عليها  سنة 1961 وهي تأصيل البُعد الثقافي العربي والإفريقي للتظاهرة، مع مراعاة التوازن بين المشاركات الإفريقية والعربية.
وأضاف أن أيام قرطاج السينمائية قد عزّزت توجهها نحو دول الجنوب هذا العام من خلال استضافتها لأربعة بلدان ضمن قسم سينما تحت المجهر، وهذه البلدان هي السينغال (إفريقيا) والعراق (الوطن العربي) والهند (آسيا)، إلى جانب البرازيل (أمريكا اللاتينية).
كما ستهتم   أيام قرطاج السينمائية في دورتها الحالية، بصناعة السينما في محور بعنوان قرطاج للمحترفين، وتضم خمسة أقسام هي شبكة تلقت ضمنها إدارة المهرجان 10 مشاريع أشرطة سينمائية، ستسند لأفضلها 3 جوائز.
لقد أراد الطاهر شريعة مؤسس المهرجان أن تكون “أيام قرطاج السينمائية” مختلفة عما يميز عادة التظاهرات السينمائية، من كرنفالات وطقوس احتفالية هوليودية، ليجعل منها مؤسسة على “فكرة” و”برنامج”، من أجل مد الجسور بين شمال وجنوب القارة الافريقية، وجعل الصورة أداة للنضال والكفاح من أجل السمو بأوضاع الأفارقة الخارجين من ويلات واضطهاد الاستعمار.
في الستينات كان مجرد التفكير في بعث تظاهرة سينمائية يعد ضربا من ضروب الخيال والحلم، لكن بإرادة الطاهر شريعة وزملاء له تحول الحلم الى حقيقة، فكانت الدورة الأولى في سنة 1966، وفتحت تونس  الأبواب أمام السينمائيين العرب والأفارقة للقاء والتحاور، ثم حملتهم في مرحلة لاحقة الى النجومية والعالمية.
كما ساهمت في خلق حركية سينمائية، فكانت وراء بعث العديد من التظاهرات لعل أبرزها مهرجان أوقادوقو ببوركينافاسو، الذي ساهم الى جانب مهرجان قرطاج  في التأسيس لسينما افريقية وبروز أجيال من المخرجين والسينمائيين العرب والأفارقة.
ولما كانت الفكرة ذات رسالة وهدف، فقد استمرت وتجددت، وتعد الأيام أهم حدث سينمائي اقليمي، رغم بروز تظاهرات أخرى أعطت الأولوية للبهرج على حساب المضمون والرسالة.
لم يفتتن الطاهر شريعة بالصورة، التي ناضل من أجلها، بل انه حافظ في كل مراحل حياته على مظهره  التونسي الأصيل، ففي كل المناسبات السينمائية كان “المعلم” شديد الحرص على الوفاء لزيه التقليدي، الى البرنس والجبة التونسية  ، كما أنه بقي وفيا وشديد الاعتزاز ببلدة صيادة   ، حيث ولد وترعرع فيها، وعلى شاطئها الأزرق الساحر أفتتن بجمال ورسالة الصورة، ومنها عشق الرسم بالكاميرا.
والطاهر شريعة، لا يمكن اختزاله في السينما فقط، فهو شمولي التكوين ومتعدد المواهب، فهو الاستاذ الذي سخر كل حياته لتلاميذه، وهو أيضا شاعر وأديب، ويتقن لغة فولتار “الفرنسية” كما يتقن لغة الجاحظ “العربية”، والاستاذ هو أيضا نقابي ومن المدافعين عن الديمقراطية والحرية. فالرجل مثقف ملتزم، “جمع من كل شيء بطرف” على حد تعبير الجاحظ، في حديثه ومسامراته ملاحم و”امتاع ومؤانسة”.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP