الجديد

تونس على باب المجهول .. والحل ليس في تشكيل حكومي جديد

غازي معلى
أهلا بنا في الجحيم، نحن بلد مثقل بالديون وعلى حافة الانهيار، لا الدولة دولة، ولا المسؤول مسؤول، ولا الشعب شعب، والشيء الوحيد الحقيقي مسلسل الأزمات المتتالية، والقاع الذي نهوي إليه.
ليس من قسوة في هذا الكلام وسط هذه المتاهة من سياسات العمى وعقليات التخلي، التي تقودنا فعلاً الى الانهيار، وليس لدى المسؤولين سوى اعادة تشكيل الحكومة لكأن تشكيلها من ممثلي هذه القبائل السياسية المتناحرة، سيغيّر شيئاً من المسار الذي سيوصلنا الى الإفلاس والفوضى! .
اعادة تشكيل الحكومة المطروح اليوم، هو مجرد عملية سياسية انتخابية،  تقوم على اعادة ترتيب الاحجام، و افتكاك الأدوار في مشهد غريب الأطوار، بداية من تقارب سريع و تفاهم غريب تحقق في جلسة او جلستين بين مشروع محسن مرزوق و حركة النهضة ممثلة في رئيس مجلس الشورى  الهاروني، و كأن ما كان يفرقهما خلاف بسيط حول فاصلة في مشروع قانون.
و ليست الشعارات التي رفعتها النائبة الشتاوي مثلا، من إمكانية ضلوع النهضة في عملية التسفير الى بؤر التوتر، الى ان ننتهي الى اخر فصل الى وهو عرقلة الكتلة النيابية الجديدة المحسوبة على رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد، لمطلب بعض الكتل الاخرى في مسألة وزيري الداخلية و العدل، حول مستجدات ملف اغتيال الشهيدين بلعيد و البراهمي، و ما فيه من احراج على ما يبدو لحركة النهضة في علاقة بالتنظيم السري و ما يقال حوله.
و هذا قرأه البعض على انه تزلف للنهضة حتي لا تغير وجهتها خاصة بعد ان خسرت الكتلة نواب الأمين العام الجديد لنداء تونس، هذه الحركات البهلوانية و القفز في المجهول لمعظم العائلة ” الحداثية التقدمية الديموقراطية “، اصبح غير مفهوم و ما هذا التخبط الا دليل جديد على ضعفها و غياب مشروعها، و فلتان عقدها، بعدما اصبح من لمً شملها يوما ما رئيسا للجمهورية.
الانتخابات على مسافة اقل من سنة و الكل يريد اعادة التموقع ضانا انه يمكن ان يحجز موقعا مهما في المشهد السياسي لما بعد 2019 و لكن باي حصيلة (bilan) سيواجهون ناخبيهم.
النهضة  لها كتلتها الانتخابية الصلبة التي تبني دائما عليها حتى في اصعب الظروف، اما المتحالفون معها الجدد و الذين هم عبارة عن  قطع صغيرة من حليفها الأكبر في 2014 فهم يتحملون مسؤولية الفشل الاقتصادي و الاجتماعي و الانهيار للمقدرة الشرائية لمعظم طبقات هذا الشعب الكادح، و على رأسهم رئيس الحكومة الشاب و الرئيس المخضرم، مرورا بمن انشق و ارتد و من كان “معتكفا” عن السياسة و اصبح امين عاما في ندوة صحافية.
الكل مسؤول و لكن النهضة نجحت في تفريق “المسؤولية على مختلف اشلاء حليفها الاول كما كان يفرق الدم على القبائل و نجحت في حادثة الأخدود ان تفتك منهم احد خزاناتهم الا هي قيادات الصف الاول من النظام السابق، في ظل هذا المشهد السريالي، و دولار قارب 3دينار، فالخوف ان يجتاح هذا الشعب الدولة غاضبا.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP