الجديد

الافتتاح الثقافي: الكتاب يفتح لنفسه مجرى

سمير بن علي مسعودي *
تعود أحباء الرياضة على مصطلح الدخلة الذي سرقه منهم تلاميذ المعاهد الثانوية ليحتفلوا باختبارات الرياضة في امتحان الباكالوريا لكن المصطلح موجود في الغرب في كل المجالات وخصوصا المجال الثقافي . والساحة الثقافية الفرنسية وهي الأقرب يعدّ هذا المصطلح من المكونات الرئيسية للمشهد الثقافي الفرنسي الافتتاح الثقافي. وتستعد دور النشر الفرنسية والكتاب الفرنسيون للعودة الثقافية بألاف المصنفات الإبداعية والفكرية . ولكن لسنوات طويلة ظلت العودة الثقافية مرتبطة في أذهان التونسيين بالتناوب بين مهرجان قرطاج السينمائي وأيام قرطاج المسرحية فحسب . واللذان تحولا في السنوات القليلة الماضية إلى موعد سنوي قار. ولكن افتتاح السنة الثقافية الحالية يشهد انتفاضة ثقافية حقيقية في ثلاثة مجالات ثقافية أخرى على الأقل بداية بأيام قرطاج للفن المعاصر وأيام قرطاج لفن العرائس في دورتها الأولى . ولكن الحدث الأبرز برأيي هو الإعلان عن بعث المعرض الوطني للكتاب التونسي في دورته الأولى والذي سينتظم من 19 إلى 28 أكتوبر بمدينة الثقافة بالعاصمة تحت شعار الكتاب التونسي يجمعنا باقتراح من اتحاد الناشرين التونسيين وبتنظيم وزارة الشؤون الثقافية بالاشتراك مع اتحاد الناشرين التونسيين. إذ هو بحق إعلان عن افتتاح حقيقي للسنة الثقافية أو ولادة جديدة للكتاب التونسي الذي ظل لسنوات طويلة عقب أخيل في الثقافة الوطنية رغم تأكيد الجميع على أنه المصدر الأساسي للثقافة . لكن تجمد ميزانيات الدعم والشراءات لعقود من الزمن ( وقعت مضاعفتها هذه السنة وينتظر المهنيون ورواد المكتبات أن تتضاعف مرات أخرى بسبب تضاعف العناوين و عدد المكتبات في مختلف جهات الجمهورية) واختفاء حصص المطالعة من البرامج التعليمية الا في صفوف التعليم الأساسي الابتدائي وركوبنا موجة الاتكاء على زمن السبرنيطيقا جعل ترتيبنا العالمي في مجال القراءة يستقر في المراتب الأخيرة مكتفين بمعدل لا يتجاوز صفحات تعد على أصابع اليد الواحدة لكل مواطن في مقابل 14 كتابا لكل مواطن أمريكي وما بين 12 و13 كتابا لكل مواطن أوروبي . والغريب أننا مازلنا ندعي أننا أمة اقرأ . إن إقرار معرض وطني للكتاب التونسي في مفتتح السنة الثقافية يمكن دور النشر من عرض ما أعدت للسنة الثقافية مبكرا ولا تنتظر شهر أفريل حين تكون السنة الثقافية على مشارف النهاية .و يخفف عنها ضغط المنافسة الأجنبية اللّامتكافئة أحيانا. كما أنها تأتي في مفتتح السنة الجامعية مما يسمحلها أن تكون سوقا ممتازة للمنشورات الجامعية التونسية ولم لا تكون دروس أغلب جامعاتنا كتبا كما هو الحال في أغلب دول العالم مما يجنبنا تلك الصور المخجلة لطوابير الطلبة أمام محلات التصوير الضوئي لدروس اساتذتهم . كما أنّ في انعقاد المعرض بمدينة الثقافية بشارع محمد الخامس عودة للموئل فالمعرض انطلق من قصر المعارض الذي أقيمت على أنقاضه المدينة .وهذه العودة ستقربه أكثر من جمهور التلاميذ والطلبة والمعلمين والأساتذة بالعاصمة كما أنه سيجسر العلاقة بين أحباء الكتاب ومدينة الثقافة من مختلف مدن الجمهورية .فيكون بحق عرسا للكتاب التونسي . ولا شك أن دور النشر في السنوات القادمة ستعدل اصداراتها على هذا الموعد باعداد أجود ما لديها من كتب إبداعية وفكرية خصوصا وأن مسابقات رصدت لها جوائز مالية هامة تصاحب هذه الدورة إضافة الى الندوات ومجالس الكتاب وحفلات الامضاء والورشات الموجهة للأطفال والناشئة وغيرها من الأنشطة . ولم لا تتحول هذه المسابقات في قادم السنوات إلى حفلات تانيت للكتاب التونسي بمختلف مجالاته وتصير موعدا يعدل عليه التونسيون ميزانياتهم ومواعيدهم . فأمة تقرأ هي أمة تفكر .والطريق إلى مقاومة الإرهاب يمر أساسا عبر انارة العقول.
* صحفي وباحث

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP