الجديد

الانتخابات الأمريكية…خطاب سطحي لنظام معقد و مجتمع مأزوم

هشام الحاجي

تحبس وقائع ” الثلاثاء الكبير ” الذي تعيش على وقعه الولايات المتحدة الأمريكية مرة كل أربع سنوات في ثاني ثلاثاء من شهر نوفمبر أنفاس الشعب الأمريكي بالدرجة الأولى و بقية شعوب العالم بدرجة أقل خاصة بعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية اللاعب الأساسي في لعبة الشطرنج العالمية.

و لا شك أن سياسات دونالد ترامب قد زادت من هذا الاهتمام في ظل ما قدمه سواء قبل انتخابه سنة 2016 او خلال توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية من أداء فيه تمسك بأسلوب شعبوي و من سير عكس تيار قواعد عمل المؤسسات التي تسند النظام الأمريكي و أيضا النظام العالمي.

لا يدير دونالد ترامب لسانه و لو مرة واحدة في فمه قبل أن يتكلم و لذلك فإنه غالبا ما يصدم الآخرين بعبارات تقطر عنصرية و كراهية و حقدا و أيضا صلفا و تكبرا تجاه الآخرين. هذا الأسلوب حقق له بعض المكاسب خاصة مع الأنظمة العربية التي لا تعيش إلا بفضل ” المظلة الأمريكية ” و لكنه خلق لواشنطن مشاكل إضافية مع من كانوا شركاء تقليديين لواشنطن كالدول الأوروبية.

هذا دون أن ننسى أن سياسات دونالد ترامب قد عمقت الانقسام المجتمعي الحاد الذي يعرفه المجتمع الأمريكي خاصة و أن ساكن البيت الأبيض لم يتخذ إجراءات لمعالجة هذه الانقسامات بل غذاها بردود فعل و تصريحات لا تخفي تفكيرا عنصريا و استخفافا بالحد الأدنى من مبادئ حقوق الإنسان.

و هو ما أعاد ضرورة البحث عن خطاب يرمم الهوية الأمريكية إلى سطح الأحداث و ساهم في دعم حظوظ المرشح الديمقراطي جون بايدن. و قد حافظ دونالد ترامب على أسلوبه إلى هذه اللحظة رافضا التخلي عن إستعمال عبارات جارحة في حق منافسه و مهددا بعدم الإعتراف بنتائج لا تمنحه عهدة رئاسية ثانية.

مناخ الخوف الذي اشاعه ترامب خلق مخاوف وصلت إلى حد الحديث على أن أمريكا على شفا حرب أهلية و أنه لا مناص في أفضل الحالات من اقتران الإعلان عن النتائج مع اندلاع أحداث عنف و شغب و من المؤشرات التي تدعم هذه المخاوف ازدهار سوق الأسلحة الفردية في الأسابيع الأخيرة إذ اقتنى خمسة ملايين أمريكي أسلحة فردية لأول مرة في حياتهم و أغلقت أغلب متاجر واشنطن و ولايات أخرى أبوابها و حصنها أصحابها بستائر إضافية.

يبدو أن خطاب ترامب هو الذي ساهم في إرتفاع عدد الناخبين بشكل لافت مقارنة بانتخابات 2016 إذ إنتقل من قرابة ستين مليون ناخب إلى مائة مليون ناخب. و بقدر ما يبدو أسلوب دونالد ترامب تبسيطيا بقدر ما يتسم النظام الانتخابي الأمريكي بتعقد في آلياته من خلال ما يمكن اعتباره ” مزجا ” بين الاقتراع المباشر المتاح لكل من يقيم على الأراضي الأمريكية بشكل قانوني و جاوز عمره ثمانية عشر عاما و بين ” الهيئة الإنتخابية ” و التي تمثل ” كبار الناخبين ” .

و هو تقليد دستوري وقع تكريسه منذ القرن الثامن عشر و هؤلاء يصوتون في شهر ديسمبر و يعتبر تصويتهم حاسما رغم أنه غالبا ما يعكس النتائج التي يكشفها انتخاب ” الناخبين العاديين ” لأن هؤلاء هم الذين انتخبوا ” كبار الناخبين ” بل أن خمسة و عشرين ولاية تفرض على ” كبار ناخبيها ” أن يصوتوا للشخص الذي جعلته انتخابات ” الثلاثاء الكبير ” فائزا و ذلك تجنبا لتعقيدات إضافية خاصة و أن التصويت عن بعد و عبر البريد قد خلق بعض المشاكل و قد يكون الورقة التي يستعملها ترامب لرفض الإعتراف بنتائج الإنتخابات أو للجوء للمحكمة العليا لتقديم طعن في صورة لم يمنحه الصندوق الفوز.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP