الجديد

بورتريه// سلمى اللومي .. مشروع سياسي جديد وتحدي جديد

خديجة زروق

بعد تجربة نداء تونس مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي انتقلت سلمى اللومي الى العمل الحكومي قبل أن تعاود الالتحاق للعمل من جديد من الرئيس السبسي كوزيرة مديرة للديوان الرئاسي وهو ما مكنها من اكتشاف العمل السياسي والحزبي وكذلك داخل مؤسسات الدولة من خلال مرافقة شخصية سياسية مخضرمة.

بعد رحيل الرئيس السبسي استمرت سلمى اللومي في الانخراط في العمل السياسي والنشاط الحزبي من خلال تأسيس حزب “الأمل” الذي ترشحت باسمه لرئاسيات 2019، وهي الان بصدد الدخول في مغامرة جديدة بهدف تاسيس حزب وسطي كبير على غرار تجربة نداء تونس، مع زملاء لها سابقين على غرار رضا بلحاج والحبيب الصيد والانفتاح على تجربة أخرى في العمل الحزبي ونعني هنا انصهار حزب الحركة الديمقراطية الذي يتزعمه أحمد نجيب الشابي صلب حزب الأمل في مشروع حزبي سيتم الاعلان عنه الأحد المقبل.

في ما يلي بروفايل موجز للسيدة سلمي اللومي:

تقدم سلمى اللومي ” ملمحا ” مختلفا عن اغلب النساء المشتغلات بالشأن السياسي في تونس. ذلك أنها لم تنخرط في الشأن العام من بوابة العمل النقابي أو الحقوقي أو الجمعياتي و لا تنحدر في تكوينها من جامعات الحقوق أو الآداب و لا ترتبط بأي شكل من الأشكال بما يثيره ارث ما قبل 14 جانفي 2011 من إشكاليات.

تأتي سلمى اللومي إلى المشهد السياسي من أبواب مختلفة إذ تلقت تكوينا في المحاسبة و التصرف و كانت لها مسيرة ناجحة في عالم المال و الأعمال. هذه الخلفية جعلتها أكثر براغماتية و بحثا عن الإنجاز من غيرها و ساهمت إلى حد كبير من تمكينها من ” بصمة” تختص بها و تميزها .

ذلك أن تركيزها ينصب أكثر على ما هو اقتصادي و إجتماعي و هي أبعد ما يكون من أن توصم بالارتباط بالنظام القديم أو بالعمل على إعادة إنتاجه. سلمى اللومي اهدأ من الكثير من متصدري ومتصدرات  المشهد السياسي في سياق مضطرب و متشنج يحتاج إلى القيادات الهاديئة التي لا تتخلى عن ثوابتها دون أن تسقط في متاهات الجدل و رد الفعل.

و سلمى اللومي تمتلك أهم صفات “امرأة الدولة” التي اكتسبتها من العمل إلى جانب الباجي قائد السبسي و هو ما اكسبها قدرة على العمل و بذل الجهد و كتمان أسرار الدولة و هو ما جعلها الوحيدة تقريبا من الذين عملوا مع ” البجبوج ” التي لا تنخرط في معارك الشقوق و لا تفشي أسرار ديوان الرئيس و لا تجعل من تجربة العمل معه “أصلا تجاريا” في السوق السياسية…ا

نها امرأة هادئة و عملية في سياق صاخب ويمكن القول أن سلمى اللومي هي من ” الاكتشافات ” الإيجابية لما بعد 14 جانفي 2011. ذلك أن هذه المرأة التي تنحدر من اب يمثل واحدة من قصص النجاح التونسية في مجال المبادرة الخاصة و الأعمال لم تكن منخرطة قبل هذا التاريخ في العمل السياسي.

و ليست هذه هي نقطة الإختلاف الوحيدة إذ أن سلمى اللومي هي أيضا من القلائل أو الوحيدة التي تلقت تكوينا جامعيا في مجال الإدارة و التصرف في ساحة جرت العادة أن يكون تكوين أغلب الناشطين و الناشطات السياسيين في الحقوق و اللغات.

و قد يكون سياق النشأة و طبيعة التكوين الأكاديمي هما اللذان دفعا سلمى اللومي للنجاح في عالم المال و الأعمال و جعلاها تأتي إلى عالم السياسية و سلاحها أهم القيم التي بنت عليها حياتها المهنية و هي تثمين العمل و بذل الجهد و الابتعاد عن كل ما فيه إضاعة للجهد و الوقت.

و رغم أن البعض اعتبر أن هذه ” الوافدة” على ” كوكب السياسة التونسية ” لن تذهب فيه بعيدا فقد استطاعت أن تكون من قيادات الحركة التي غيرت موازين القوى في تونس ما بعد 14جانفي 2011 و هي حركة ” نداء تونس “،  و أن تضطلع بمهام حكومية و أن تكون رئيسة ديوان الرئيس الباجي قائد السبسي.

و ما هو أهم من هذا النجاح على مستوى إثراء المسيرة السياسية هو ما ابدته سلمى اللومي من صفات لعل من أبرزها الحرص على خدمة المصلحة العامة إلى جانب السعي للتجميع و تجنب الانقسام خاصة حين أخذت ريح الخلافات تهب على سفينة ” نداء تونس ” و تربك سيرها .

إذ نأت سلمى اللومي بنفسها عن الانخراط في الصراعات و أظهرت تحفظا لافتا و هي التي تملك الكثير من المعطيات و أوراق الضغط. و تملك  ما يجعلها قادرة على لعب دور إيجابي في سياق صعب يطغى عليه الإحباط و يحتاج إلى من يزرع في النفس ” الأمل ” بغد أفضل.

ذلك أنها بعيدة عن الدخول من باب الصخب و الوعيد و هو ما يجعل من حضورها تطلعا لنزوع قيادي نسائي يقطع مع الطاغي حاليا و يعيد إلى نموذج القوة الهادئة..قوة العمل المجدي دون سواه .

و هي أيضا متخففة من كل أعباء الماضي إذ لم تنتم للنظام القديم حتى تحشر في زاوية الساعين إلى إحياء ما فيه من سلبيات و لم تخض مع هذا النظام معارك حتى يرى البعض في مواقفها تصفية حسابات …

الماضي ليس طبق سلمى اللومي المفضل سواء مضت عليه قرون أو سنوات لأنها تجعل دائما من المستقبل وجهتها و هدفها و من قراءة متأنية لتجاربها أحد أهم أسلحة الفعل فيه.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP