الجديد

قرأت لكم: “الذكرى الثامنة لاغتيال بلعيد.. هل يعود اليسار التونسي للواجهة من بوابة الشارع الغاضب؟”

نشر موقع “الجزيرة نت” تقريرا مطولا تحت عنوان “الذكرى الثامنة لاغتيال بلعيد.. هل يعود اليسار التونسي للواجهة من بوابة الشارع الغاضب؟” .. في ما يلي نص التقرير:

شهدت الذكرى الثامنة لاغتيال السياسي التونسي شكري بلعيد زخما استثنائيا من ناحية العدد الكبير للمتظاهرين والتعزيزات الأمنية الكثيفة التي انتشرت وسط العاصمة تونس.

وتزامنت هذه الذكرى مع ظرف سياسي متوتر سبقه أسبوع من الصدامات بين الأمنيين ومحتجين ضد ما اعتبرته عديد الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني محاولة للعودة إلى سياسة تكميم الأفواه والقمع الممنهج للحريات.

وكانت شخصيات وقيادات من الأحزاب اليسارية التونسية، على غرار حمّة الهمامي والمنجي الرحوي وآخرين، قد ساندت الأسبوع الماضي بالحضور في الصفوف الأولى المتظاهرين الذين دعوا إلى جملة من المطالب منها الإفراج عن الموقوفين على خلفية أحداث الشغب الأخيرة، ومحاسبة المتورطين في العنف ضد المحتجين، وأيضا إسقاط الحكومة والنظام.

يذكر أن 66 حزبا ومنظمة وجمعية كانت قد أعلنت في خطوة غير مسبوقة في الرابع من فيفري الحالي، أي قبل يومين من حلول ذكرى اغتيال بلعيد، عن انضمامها للمسيرة المطالبة بكشف الجهة المتورطة في قتله، إضافة إلى جملة من المطالب المتعلقة بكف يد النقابات الأمنية عن المحتجين وإطلاق سراح الموقوفين والكف عن تكفير المحتجين.

مطالب متعددة

وبالإضافة إلى اللافتات المطالبة بالكشف عن المتورطين في اغتيال بلعيد، رفع المتظاهرون شعارات ولافتات تدعو إلى جملة من المطالب ذات خلفيات متعددة، منها تقنين استهلاك وإنتاج مخدّر القنب الهندي، والمطالبة بتخصيص منحة للمعطلين عن العمل،  والإفراج عن الموقوفين، وحل البرلمان، مما جعل المسيرة تكتسي طابعا شعبيا متفرعا عن فئات عمرية واجتماعية وفكرية متنوعة.

هذا التوجه الجديد غير المسبوق لإحياء ذكرى اغتيال بلعيد تبناه الأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي في تصريح إعلامي أثناء المسيرة دعم فيه مطالب الشباب بإسقاط النظام الذي “لم يقدّم للشعب التونسي إلا الفقر والبؤس والقمع”، حسب قوله.

وطالب بإطلاق سراح الموقوفين، مؤكدا على فشل منظومة الحكم على جميع الأصعدة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وبالتالي من حق الشعب المطالبة بإسقاطها.

ونشر حزب العمال أيضا على صفحته الرسمية مقالا للقيادي في حزب العمال التونسي الجيلاني الهمامي قال فيه إن “إحياء ذكرى استشهاد شكري بلعيد هو في الوقت ذاته لتخليد ذكرى المناضل والشهيد شكري بلعيد ولممارسة مزيد من الضغط من أجل إسقاط هذه المنظومة”.

يأتي ذلك في وقت يرى فيه محللون على غرار المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن السقوط المدوي للأحزاب اليسارية التونسية في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة أضعف موقفها بحكم وجودها خارج المؤسسات، لذلك فقد تراجعت عن رهاناتها السابقة وأصبحت تسعى نحو إسقاط المنظومة برمتها وذلك عن طريق الانخراط المطلق في ما يسمونه نضالات الشعب.

ظرف مشحون

وتأتي هذه المواقف المؤيدة لمختلف أنواع مطالب المتظاهرين متعارضة مع تصريحات سياسيين وكتل برلمانية داعمة للحكومة الجديدة أدانت الاعتداءات التي طالت الأمنيين، ونددت بمضامين الشعارات المرفوعة.

كما اعتبرت أن ما يقوم به بعض السياسيين ممن أزاحتهم وحجّمت دورهم صناديق الانتخاب -في إشارة إلى اليساريين- هو محاولة للركوب على الأحداث والتجييش المتعمد للعودة إلى الواجهة.

من جانب آخر تداولت العديد من وسائل الإعلام التونسية خبر الاعتداء على فريق هيئة الدفاع عن شكري بلعيد في الذكرى الثامنة لاغتياله، من بينهم المحامي الناصر العويني (يساري وناشط حقوقي)، أثناء المسيرة وسط العاصمة ممن يرجح أنهم عناصر أمنية بزي مدني، حسب تصريح عميد المحامين لوكالة الأنباء التونسية الرسمية.

وقد طالبت النيابة بفتح بحث في الحادثة وأخذ القرار لمعالجة المسألة وتتبع الجناة أمام المحاكم وفق ما يقتضيه القانون.

صدامات وبيانات

وعززت المصادمات السابقة وبيانات النقابات الأمنية التي سبقت بأيام الإعلان عن المسيرة والتي توعدت فيها بالتطبيق الصارم للقانون على المحتجين.

وأعادت الأجواء المشحونة التي طغت على مسيرة إحياء الذكرى الثامنة لاغتيال شكري بلعيد، والتي دخلت شارع الحبيب بورقيبة برمزيته الكبيرة، للأذهان مشهدا من مشاهد الثورة التونسية قبل هروب الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

ويبدو أن هذا التوتر الذي سيطر على الاحتجاجات والانزلاقات نحو العنف في بعض الأحيان يعكسان تذبذب المشهد السياسي في البلاد التي تعيش أزمة دستورية غير مسبوقة لها علاقة بالتعديل الوزاري الأخير، جعل خيار الدفع من التيار اليساري نحو إعادة توزيع أوراق اللعبة السياسية ممكنا من جديد لتدارك عثرات الماضي القريب.

المصدر : الجزيرة

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP