الجديد

كتلة الائتلاف الوطني .. التفكك قبل البناء

كتب: منذر بالضيافي *
قرار سليم الرياحي، رئيس الاتحاد الوطني الحر، سحب نوابه من كتلة “الائتلاف الوطني”، وانصهار حزبه في هياكل حزب “نداء تونس”، وبعيدا عن التعاطي “الأخلاقوي” معه، فانه في الواقع لا يخرج عن “السريالية” التي ميزت المشهد السياسي، منذ تفكك الحزب الحاكم، وما تبعه من شيوع للسياحة الحزبية وخاصة البرلمانية. جعل الممارسة السياسية تفتقد للشروط الدنيا ل «الأخلاق”.l’ethique ولعل هذا ما جعل الفاعلين السياسيين، وأيضا المتابعين له وكذلك الرأي العام “يطبعون” مع ظاهرة “ميركاتو” النواب، التي لولاها ما برزت للسطح كتلة “الائتلاف الوطني”، التي لم يخفي الواقفين ورائها نواياهم الحقيقية، وهي الاصطفاف وراء رئيس الحكومة يوسف الشاهد، واسناده في البرلمان في مرحلة أولى، ثم الاستعداد للتحول الى “النواة الرئيسية” لجزب الشاهد أو مشروعه السياسي، في مرحلة لاحقة، لن تطول كثيرا، بالنظر الى قرب الاستحقاقات الانتخابية، التشريعية والرئاسية، المبرمجة للسنة القادمة، والتي لم يعد يفصلنا عنها سوى سنة واحدة.
 
بالعودة الى “واقعة الرياحي”، لابد من التأكيد على أنها أعادت توزيع الأوراق بل خلطها من جديد، وأول متضرر من هذا الخلط، هو دون شك رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، الذي لا نبالغ في شيء، عند القول أن ما حصل قد أوقف “الدينامية الانتصارية”، التي دخل فيها منذ فترة، ما جعل أنصاره ومريديه، وكذلك الاعلام الذي يدور في فلكه يعلنون “بشائر النصر” و “حسم المعركة”، تحديدا حسم الصراع بينه وبين رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي. وهو ما بين بوضوح أن ساكن القصبة ومن حوله، قد أخطأوا الحساب أو ربما استهانوا كثيرا بقدرات أو بأوراق خصمهم، وخاصة كفاءته وتجربته في ادارة الصراعات، فضلا عن عدم ادراك لطبيعة  المشهد السياسي الذي ما زال في طور التشكل، وبالتالي لا يمكن التعويل كثيرا على افرازاته، لذلك يتسم بالهشاشة المرتبطة أصلا وعضويا بما اصبح يعرف بالسياحة الحزبية، وهي مسؤولية كل الفاعلين السياسيين، تحديدا الذين خرجوا من رحم “نداء تونس”، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وكل مشتقات نداء تونس من أحزاب ونواب.
كما لا يجب أن يخفى عن كل متابع حصيف، أن كتلة الائتلاف الوطني، التي تحولت مع العودة البرلمانية، الى الكتلة الثانية في مجلس نواب الشعب بعد كتلة النهضة، هي عبارة عن خليط غير متجانس من النواب، وهي ثمرة لما أصبح يعرف في المشهد السياسي التونسي ب “السياحة البرلمانية”، لذلك فهي تحمل تناقضات داخلية كثيرة، تناقض طموحات الجهات التي تقف ورائها، وهذا ما حصل فعلا وفي وقت قياسي، قد يكون فاجأ البعض، لكنه في الواقع كان متوقعا، وبدأت علامات التفكك قبل أن أحلام “البناء”.
ان ما حصل خلال الأيام الأخيرة من أحداث مهمة رمت بظلالها على المشهد السياسي، مثل اعادة فتح ملف الاغتيالات السياسية، والجهاز السري لحركة النهضة، واشادة الرئيس الفرنسي ماكرون بالرئيس السبسي، و”شجاعته” في محاربة “الظلاميين”، كلها تشير الى مغادرة الرئيس السبسي “دور المتفرج” الى “دور اللاعب” أي أنه بصدد استعادة المبادرة السياسية بنفسه، ولا يمكن – براي – فهم ما أقدم عليه سليم الرياحي الا في هذا السياق، وهو ما أشار اليه بوضوح الناشط السياسي الأزهر العكرمي اليوم في تصريح اعلامي، عندما ذهب الى أن “الباجي قايد السبسي مهندس الاندماج بين نداء تونس والاتحاد الوطني الحر”.

  • رئيس التحرير

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP