الجديد

منظومة التجسس مدخل للعلاقات الإسرائيلية الخليجية

 أحمد سلهوب، صحفي مصري
دخلت العلاقات الإسرائيلية الخليجية مرحلة متطورة في الوقت الراهن، بدأت بالتطبيع الرياضي عبر إرسال فرق رياضية إسرائيلية لدول الخليج العربية وصولا بوزيرة الثقافة الإسرائيلية إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي وزيارتها لمسجد الشيخ زايد، وانتهاءً باستقبال السلطان قابوس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في مسقط.
وقبل أن نخوض في سرد  تفاصيل  الهرولة الخليجية صوب تل أبيب يكشف التطبيع المستمر على الأصعدة كافة مدى زيف مواقف دول الخليج تجاه القضية الفلسطينية، فعقب اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس نهاية عام 2017 باعتبارها عاصمة أبدية لإسرائيل، دانت الدول العربية والخليجية تلك الخطوة لفظيا فقط دون اتخاذ رد فعلي يحفظ عروبة القدس من التهويد عبر قانون القومية المعتمد مؤخرا من الكنيست الإسرائيلي.
نحن أمام مرحلة تاريخية حرجة تمر بها المنطقة العربية فعندما أعلن الرئيس الراحل أنور السادات اتفاقية السلام مع  بيجين رئيس الحكومة في ذلك الوقت، قاطعت الدول العربية مصر ونقلت مقر جامعة الدول العربية إلى تونس باستثناء دولة الإمارات العربية المتحدة التي أبقت علاقتها الوطيدة مع القاهرة. والآن تقتفي دول الخليج أثر السادات، معززة مسعاها بتعاون أمني وتكنولوجي مع إسرائيل باستثناء الكويت، حيث كشفت صحيفة هآرتس ، في عددها الصادر في19-10-2018 أن إسرائيل أصبحت أكبر مصدر لأجهزة التجسس في العالم، حيث تستخدم عشرات الدول هذه الأجهزة لقمع المعارضة، من بينها دول كالإمارات والبحرين.
وخلصت الصحيفة إلى أن الشركات الإسرائيلية تبيع تلك الأجهزة بموافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، دون موافقة الكنيست. ومن أهم تلك الشركات شركة البرمجيات “NSO” التي صممت برنامج “Pegasus” يسمح بدوره السيطرة على الأجهزة المحمولة بعد زرع حصان طروادة عبر البريد الإلكتروني، ومنذ لحظة تثبيت البرنامج على الجهاز يمكن التنصت على كافة البيانات الموجودة والاستماع إلى كل المكالمات التي تجري من خلال هذا الجهاز.
تأسست شركة البرمجيات الإسرائيلية”NSO” عام 2008، ومقرها مدينة “هرتسليا” والمؤسسون من خريجي شعبة الاستخبارات الإسرائيلية العسكرية “أمان”، ويعمل فيها قدامى المحاربين من وحدات الاستخبارات العسكرية والنخبة في مواقع البحث والتطوير.
بالعودة لزيارات التطبيع نشير الى مشاركة وزير النقل والاستخبارات الإسرائيلية، يسرائيل كاتس في مؤتمر النقل الدولي في سلطنة عمان، واقترح على المشاركين إنشاء خط سكك حديدية من بلاده إلى دول الخليج، مرورا بالأردن والسعودية، وهو ما أشار إليه، أيضا جيسون غرينبلات المبعوث الأمريكي الخاص للسلام في الشرق الأوسط.
ولا ننسى افتتاح قطر مكتب تمثيل تجاري لإسرائيل على أراضيها، لكنها أغلقته في أعقاب الهجوم الغاشم على غزة عام عامي 2008 و2009، ومؤخرا نجدها سمحت بمشاركة وفد رياضي إسرئيلي بالمشاركة في فعالية رياضية بالدوحة.
يفسر مراقبون  التحركات الخليجية بأنها توحي بأن الصراع العربي الإسرائيلي شارف على الانتهاء بموجب مفهوم صفقة القرن المزمع تنفيذها تارة ووقفها تارة أخرى، وأول من أشار إليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال إحدى زيارته لواشنطن، وسرعان ما تراجع  مجددا في مؤتمر الشباب الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية.
كما يشير المراقبون  إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد في صدارة اهتمام القادة العرب وخاصة شيوخ وأمراء الخليج  في ضوء المعطيات المتوفرة من تحركات خليجية للتطبيع مع تل أبيب وفي طليعتهم السعودية.
يبقى نقطة أخيرة وهي أن تحركات بعض القادة العرب ناحية إسرائيل تتم بمعزل عن الشعوب العربية الرافضة لفكرة التعاون، وفي النهاية نشير إلى أن أول من طرح مبادرة السلام العربية مع إسرائيل هو الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز وكان ذلك في عام 2002.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP