الكشف عن محادثات تبون و بلينكن: تونس تُشبهنا و ليبيا في حاجة لانتخابات .. نريد حدودنا هادئة
التونسيون – وكالات
كشف نص المحادثات بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية الامريكية انتوني بلنكن عن تفاصيل مثيرة دارت بين الرجلين بخصوص العلاقات الجزائرية التونسية والجزائرية المغربية والوضع في منطقة الساحل، ونظرة تبون للإصلاح الاقتصادي وإشراك الشباب في العمل السياسي ومحاربة الفساد.
تونس تشبهنا
نص المحادثات نشرته وزارة الخارجية الأمريكية كاملا على موقعها ولخص فيها تبون مع ضيفه بلنكن الوضع في المنطقة من خلال مقدمة جاء فيها : “نحن محاطون بدول لا تشبهنا كثيراً باستثناء تونس… لهذا السبب لدينا علاقات وثيقة للغاية معها وإلا فإن كل حدودنا مشتعلة. ليبيا المزعزعة، بعد ليبيا بالطبع هناك منطقة الساحل بأسرها مثل التشاد وبوركينا فاسو ومالي والنيجر. وحتى موريتانيا ليست بهذه القوة. وفي الجوار لدينا المملكة المغربية حيث شهدت علاقاتنا دائمًا تقلبات منذ استقلالنا. إنها ليست حديثة وليس ذلك بسبب قضية الصحراء الغربية”.
الخلافات مع المغرب
وعاد تبون في حديثه على الخلفيات التاريخية العميقة للخلاف الجزائري المغربي، التي تعود إلى حرب الرمال حين هاجم المغرب الجزائر سنة 1963 بعد استقلالها وأراد الاستحواذ على جزء من الأراضي الجزائرية. ووفق الرئيس الجزائري، فإن المغرب ظل يطبق سياسة توسعية في المنطقة ليس مع الجزائر فقط وانما حتى مع موريتانيا التي رفض الاعتراف باستقلالها سنة 1960 وانتظر لغاية سنة 1972 ليقر بذلك. وأدرج تبون قضية الصحراء الغربية في سياق الرغبة التوسعية للمغرب نفسه مؤكداً أن لا نوايا للجزائر في الصحراء الغربية مثلما يقولون (في المغرب) وان “ذلك مشكلتهم”.
وشدد في سياق متصل على ان الجزائر دعمت تحرر دول أخرى مثل تيمور الشرقية وجزر القمر وجنوب إفريقيا من نظام الأبرتايد مشيراً إلى أن هذا النهج لا ينطبق على الصحراء الغربية فقط والى انه ثابت في السياسة الجزائرية.
القضية الفلسطينية
وبخصوص القضية الفلسطينية، استبق الرئيس الجزائري أي حديث عن مسألة التطبيع التي ترعاها الولايات المتحدة، مؤكداً لبلنكن أن الموقف الجزائري لم يتغير وانه داعم لقرار الجامعة العربية بالتوصل إلى سلام مع إسرائيل، في إشارة إلى مبادرة السلام العربية في بيروت سنة 2002، التي تنص على سلام مع إسرائيل مقابل الاعتراف بدولة فلسطين على أراضي 1967 وعاصمتها القدس وهي مقاربة تختلف كلياً عن اتفاقات أبراهام التي تبنتها دول عربية.
وشدد الرئيس الجزائري على أن “المشكلة الوحيدة التي لدينا هي فلسطين ولا شيء آخر على الإطلاق”.
حول الأزمة الليبية
وحول الأزمة الليبية، أظهر تبون للمسؤول الأمريكي انزعاجاً كبيراً من تدخل قوى أجنبية في حروب بالوكالة، مثل قوات فاغنر (مرتزقة روس) وسوريين وأتراك وسودانيين وتشاديين، لافتاً إلى أن هناك ثلاث أو أربع دول تتدخل في ليبيا، والى ان الحرب ليست بين ليبيين والى ان لا علاقة لهم بها مثلما قال. وأضاف: “لهذا قلنا إنه إذا أرادت ليبيا أن تُبنى مرة أخرى بطريقة ديمقراطية، فنحن بحاجة إلى انتخابات من الصفر. يمكننا مساعدتهم على تنظيمها”.
كما استعرض الرئيس الجزائري مع ضيفه ما وصفه بـ”سوء التفاهم مع الأصدقاء الفرنسيين” بخصوص قضية مالي، منتقداً الوجود العسكري الأجنبي في هذه الصحراء الممتدة، الذي قال انه “سيصبح مع مشاكل التعدد العرقي ذريعة لنشوء الإرهاب في المنطقة رغم أن الجزائر سعت لتسوية الملف سلمياً عبر اتفاق المصالحة الذي يحاول البعض الرجوع عنه”.
حدود هادئة
وخلص تبون بعد هذه الإحاطة بالقضايا الإقليمية، إلى القول إن “ما تريده الجزائر هو أن تكون حدودها هادئة”. وأضاف: “ما ننفقه حاليًا لحماية حدودنا، نود استغلاله لتنمية شبابنا وتنمية أراضينا. لسنا بحاجة إلى هذا العدد الكبير من الأسلحة الذي يهدف إلى الدفاع عن أرضنا. لدينا نظرية عسكرية دفاعية. لم تكن لدينا قط نظرية للهجوم أو الذهاب إلى مكان آخر”.
وفي الشأن الداخلي الجزائري، تحدث تبون عن إصلاحاته السياسية التي أثمرت “أول انتخابات تشريعية نزيهة لم يطعن في شرعيتها، وإقحام الشباب في تسيير المجالس المحلية وتعزيز دور المجتمع المدني”، وهي في عمومها مسائل لا تنظر اليها المعارضة الجزائرية بنفس النظرة . وشدد الرئيس الجزائري، في حديثه، على أولوية محاربة الفساد، مشيراً لأول مرة إلى أن الأوليغارشيا (مصطلح يطلق على رجال الأعمال النافذين زمن حكم الرئيس الراحل بوتفليقة) اختلست كل أموال البلاد وارتبطت بالمافيا في روسيا وإيطاليا.
وفي مجال الإصلاح الاقتصادي، كشف تبون عن وضع قانون للاستثمار يستمر عشر سنوات في ظل الانتقادات التي تطال الجزائر في مجال الاستقرار التشريعي. وقطع وعداً طموحاً بتحويل الجزائر من بلد مستورد للحبوب إلى مصدر لها، قائلاً: “يمكننا مساعدة إفريقيا من حيث توفير الحبوب. من الممكن تقنيًا تحقيق إنتاج يصل إلى 30 مليون طن. نحتاج لـ9 ملايين طن ويمكننا تصدير 21 مليون طن للمغرب وتونس ومصر دون مواجهة أية مشاكل”.
وكان بلنكن الذي زار الجزائر يوم 30 مارس الفارط، قد ذكر أن الجزائر تلعب دوراً مهماً في أمن منطقة الساحل وخاصة بدولة مالي. كما أشاد بدورها المهم في حل الأزمة بليبيا مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل بالتنسيق مع الجزائر من أجل محاربة الإرهاب في المنطقة.
وبخصوص التعاون الاقتصادي، أكد وزير الخارجية الأمريكي أن بلاده تطمح لرفع التبادل التجاري مع الجزائر. وقال: “هذا وقت ديناميكي للمجال التجاري في الجزائر، نحن نرى ذلك بالأرقام؛ في 2020 بلغ حجم المبادلات التجارية 1.2 مليار دولار، وفي 2021 تضاعف ليصل إلى 2.6 مليار دولار رغم جائحة كورونا، وفي شهر جانفي بلغ 331 مليون دولار”.
Comments