الجديد

رئاسيات 2019: مصير النهضة في الحكم معلق بيد مورو !

منذر بالضيافي
أكد راشد الغنوشي اليوم الأربعاء 21 أوت 2019،  في تصريح اعلامي على أن “مشاركة حركة “النهضة” في الانتخابات الرئاسية  السابقة لأوانها أمر طبيعي لكونها تمثل الحزب الأكبر والأكثر تنظيما في تونس” .وتابع قائلا: أن مرشح النهضة عبد الفتاح مورو “يعدّ المترشح الأبرز بالنظر إلى حظوظه الوافرة في الفوز”. فما هي “مصداقية” هذا التصريح ؟ وهل الغنوشي جاد في ترشيح مورو للرئاسية؟
يأتي تصريح الغنوشي اليوم في اطار مسعى الحركة الى نفي  التسريبات المتداولة و التي تشير الى أن مورو لا يحظى بدعم أغلبية قيادة النهضة خاصة “جناح الغنوشي”، وما يؤكد مثل هذه التسريبات تأخر اعلان الحركة عن الفريق الذي سيقود حملة مورو، فضلا عن عدم تخصيص مقر لها (الحملة) مركزيا وجهويا، وما يعنيه ذلك من وضع امكانيات لوجستيكية ومادية تحت تصرف المترشح وحملته، وكذلك غياب مساندة اعلامية واتصالية واضحة وصريحة.
وهو ما يكشف عن عدم وجود “حماس” و “ارادة” لدعم مرشح الحركة للرئاسية، ارادة قوية من شأنها أن تقطع فعليا ونهائيا مع ما يروج في الكواليس، من أن الشيخ مورو ليس هو “العصفور النادر” الذي كان يحلم به الغنوشي، الذي قد يكون أضطر أو دفع دفعا لترشيح رفيق البدايات للرئاسية، بعد أن اختلطت عليه السبل، نتيجة خلط الأوراق التي فرضها موت الرئيس السبسي، على المشهد السياسي وعلى الاستحقاق الانتخابي، أساسا تسبيق الاستحقاق الرئاسي على التشريعي.
فعلى خلاف تأكيد الغنوشي من أن مشاركة حزبه في الرئاسيات “أمر طبيعي”، فانه والجميع يعرف ويدرك جيدا أن السيناريو الأقرب عند النهضويين كان عدم ترشيح واحد من قياداتها الى السباق نحو قرطاج، وهو ما عبر عنه القيادي في الحركة وصهر الغنوشي رفيق عبدالسلام، وما كان أشار اليه أيضا الغنوشي في أكثر من مناسبة تلميحا وحتى تصريحا، من هنا فان المشاركة النهضوية في الرئاسيات “أم فرض” وذلك لسببين اثنين:
1/ خلف اختيار القائمات المشاركة في الانتخابات التشريعية حالة من الغضب الغير مسبوق داخل هياكل الحركة، اذ برزت للسطح خلافات لا نبالغ بأنها كانت تنذر – ولا تزال – بالذهاب نحو شق “وحدة الصف” التي تعتبر أولوية مقدسة عند “الجماعة”، كما كشفت التصريحات الرافضة لهيمنة الغنوشي على القرار وتهميش مؤسسات الحركة و “الشورى” داخلها، عن تصدع في المكانة الرمزية “للشيخ الغنوشي” (المرشد)، وبالتالي وجد هذا الأخير (الغنوشي) في ترشيح مورو للرئاسية، مناسبة لتخفيف حالة الاحتقان داخل البيت النهضاوي، في المقام الأول وليس بالضرورة تعبير عن اختيار خضع ل “كاستينغ” داخلي للشخص الأنسب ليكون مرشح النهضة لمنصب هام مثل رئيس الجمهورية.
2/ وجدت النهضة نفسها بعد وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي وتسبيق الانتخابات الرئاسية على التشريعية مضطرة لتقديم مرشح من داخلها، أيا كان اسمه وموقعه أو مكانته في القيادة وفي التأثير، فكان اختيار مورو كمرشح “توافقي” يؤمن المشاركة في الاستحقاق ولا يمثل خطرا على سطوة “القيادة الغنوشية”، اذ أنه ومع أسبقية الرجل في التأسيس (منذ بداية الجماعة في سبعينات القرن الماضي)،  الا أنه وبشهادته هو نفسه أيام قليلة قبل ترشيحه، فانه يعاني من الاهمال والتهميش، ولا وزن يذكر له في قرارات الحركة أو في رسم سياساتها، لعل هذا ما جعل الكثير من المتابعين من داخل الحركة ومن خارجها، يشككون في أنه فعلا مرشح جدي من قبل الغنوشي و حركة “النهضة”.
ان عدم دعم المرشح مورو، بشكل مبدئي وعملي من قبل الغنوشي، وتحشيد الجمهور النهضاوي حوله، وكذلك تفعيل حملة تقدمه كمرشح وطني لا مرشح جماعة (برغم صعوبة ذلك)، ستكون له ارتدادات كارثية على مستقبل الحركة الاسلامية في تونس:
أ/ ففي المستوى الداخلي، ستتعمق هوة الخلافات والتناقضات بين الأجنحة المتصارعة، وذلك سنة واحدة قبل المؤتمر الحادي عشر للحركة، الذي سينتخب رئيس جديد خلفا للغنوشي، الذي لا يسمح القانون الداخلي للحركة بإعادة انتخابه لدورة أخرى، وبالتالي سيكون المؤتمر القادم مناسبة لإنهاء هيمنة قرابة خمسين سنة للغنوشي على التنظيم.
ب/ في المستوى الخارجي أو الوطني، ان فشل حركة “النهضة” في عدم ايصال الشيخ مورو للمنافسة على الدور الثاني في رئاسيات 2019، سيمثل – دون شك – ضربة موجعة لشعبية الحركة واشعاعها، وستدفع فاتورته غاليا في الاستحقاق التشريعي، في 6 أكتوبر المقبل، فخسارة “مهينة” لمورو في الدور الأول من الرئاسيات، يعني سياسا خسارة الانتخابات التشريعية، وأساسا خسارة المركز الأول، وما يعنيه ذلك من خسارة التواجد في الحكم.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP