من تونس الى المغرب .. الاسلاميون يهزمون بالديمقراطية .. الاسلام السياسي، فشل سياسي و عزلة مجتمعية
كتب: منذر بالضيافي
اثبتت نتائج الانتخابات المغربية التي دارت امس والتي اسفرت عن هزيمة نكراء للحركة الاسلامية ممثلة في حزب العدالة والتنمية الحاكم ( من ١٢٥ نائبا الى ١٢ فقط)، وقبلها انتخابات ٢٠١٤ و ٢٠١٩ في تونس، زمن سنوات الانتقال الديمقراطي ، الذي دخل طور “الموت السريري”، انه يمكن هزم تيار الاسلام السياسي بالصندوق اي بالديموقراطية، عبر انتخابات حرة وشفافة.
وهو ما مثل مؤشرا واضحا ، على نهاية “خرافة” و ” فزاعة” ان الاسلاميين لا يهزمون بالصندوق ، وبعيدا عن ملابسات اسباب فشل التيار الاسلامي في الحكم والتي سنعود لتفكيك اسبابها في مقالات قادمة.
فان ما اريد التاكيد عليه اليوم، هو ان الحركة الاسلامية التي هزمت في استحقاقات 2014 و 2019 الانتخابية في تونس وامس في المغرب، يمكن تكرار ذلك في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وبكل سهولة .
وذلك بالنظر للفشل السياسي ل ” الجماعة” في الحكم، وايضا لتراجع الشعبية بسبب ما يمكن ان نسميه ب ” السقوط الاخلاقي ” لهذا التيار، فضلا عن تزايد منسوب العزلة لدى النخب وفي المجتمع، وهو توصيف ينسحب على المثالين المغربي والتونسي، وان ببعض التفاوت بسبب خصوصية كل من التجربة التونسية وخصوصية النظام السياسي المغربي، الذي يتحكم فيه المخزن بكل شروط اللعبة، بل يديرها كما يشاء.
ان المعركة مع تيار الاسلام السياسي، يجب ان تبقى في دائرة الصراع السياسي، ولا معنى لصراع الهوية الذي يستفيد منه الاسلاميين، اكثر من خصومهم في مجتمع محافظ امام الصندوق.
لذلك لابد من التركيز على “المنازلة السياسية” و الاحتكام للديموقراطية ، والتي ليست اليوم في صالح “الجماعة”، وهو ما تأكد في نتائج الانتخابات المغربية ، وقبل ذلك بايام من خلال تحركات 25 جويلية في تونس، تحديدا اثناء النهار ( المسيرات التي استهدفت مقرات حزب النهضة الاسلامي) او في التفاعل الايجابي مع قرارات الرئيس سعيد ليلا، التي انهت حكم الاسلاميين في تونس.
اريد ان اشدد على ان تراجع الاسلام السياسي و ” أفول نجمه” يفسر اساسا بفشل تجربته في الحكم، وغياب المشروع وفضح نوايا “التمكين”، والارتباط بمشروع “الاممية الاسلامية/ الاخوانية”.
وعلى خلاف سنوات عشر للوراء، فان الديموقراطية وتجربة الحكم ” عرت” وكشفت هذا التيار، الذي تعاظمت عزلته، واصبح بلا حاضنة مجتمعية، ولا يمثل الا نسبة متواضعة من القاعدة الانتخابية ( في تونس تراجع بين ٢٠١١ و ٢٠١٩، من مليون ونصف مليون ناخب الى اقل من نصف مليون، وسيكون اقل بكثير في اي استحقاق انتخابي مقبل).
اما العودة الى المناكفات التقليدية في الصراع مع الاسلاميين ، فهو في تقديري عبث ومضيعة للوقت، بل ان نتائجه ستكون عكسية ، على غرار ما حصل في زمن ليس بالبعيد.
الناس في المغرب وتونس ومصر وفي كل عواصم عالمنا العربي، صحيح انها تتوق للحرية وحياة ” المواطنة”، لكنها في حاجة الى من يخدمهم لا الى من يعظهم او يخطب عليهم ويبيعهم الاوهام.
لذلك فان الحل يكون في التنافس عبر البرامج، والمزيد من الديموقراطية، هو الحل براي الذي لا يجب التنكر له بدعوى الأمراض التي صاحبت التجربة، فالطريق نحو الديمقراطية يحتاج التضحيات، ولا يمكن ابدا العودة للوراء.
اخيرا، ولتنشيط الذاكرة اقول: كل التجارب التي حكمت باسم تيار الاسلام السياسي، كان مصيرها الفشل والفشل الكارثي والمركب ( التجربة السودانية ، التي قسمت البلد واضعفته وفرضت عليه التسوية مع اسرائيل).
لمزيد التوسع ولمن يريد فهم تجربة حكم التيار الاسلامي، يمكن العودة لكتابي: ” الاسلاميون والحكم.. تجربة حركة النهضة “.
Comments