الجديد

نحو عالم جديد .. أي موقع لنا نحن العرب ؟

منذر بالضيافي

نحو عالم جديد، نحن على اعتاب عالم جديد، عالم ما بعد الوباء – الكورونا- و الحرب الاوكرانية / الروسية، التي تلامس تداعياتها كل أنحاء العالم، في تزامن مع عودة “صامتة” لما كان يعرف بأجواء ” الحرب الباردة” بين موسكو و واشنطن سابقا، لكن الآن بين واشنطن و بيكين، لعل من مؤشراتها بداية الصراع حول النفوذ، من خلال “تواجد” و “اختراق” صيني غير مسبوق في مجال النفوذ الغربي، واساسا نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، سواء من جهة الحضور العسكري والاقتصادي، أو من جهة الحضور السياسي والديبلوماسي، على غرار التوسط الصيني الناجح بين الرياض و طهران، وهو “اختراق” أحرج واشنطن.

هذا فضلا عن تسارع نسق وتيرة التحولات المناخية  المتصاعدة والفجئية، واخيرا تراجع – حد الضمور- للأيديولوجيا الديمقراطية الليبرالية،  التي تمثل بالنسبة للغرب – امريكا واوروبا الغربية – نمط حياة بل أكثر من ذلك “هوية” identitéايديولوجية، يريد الغرب فرضها كونيا، بما يخدم مصالحه وهيمنته فقط.

هذا فضلا عن تسارع نسق وتيرة التحولات المناخية  المتصاعدة والفجئية، واخيرا تراجع – حد الضمور- للأيديولوجيا الديمقراطية الليبرالية،  التي تمثل بالنسبة للغرب – امريكا واوروبا الغربية – نمط حياة بل أكثر من ذلك “هوية” identitéايديولوجية، يريد الغرب فرضها كونيا، بما يخدم مصالحه وهيمنته فقط.

1/

وهو ما نجم عنه وجود مؤشرات رفض متسارعة عبر العالم، مصاحبة مع بداية تشكل لخارطة جيو بوليتيكية جديدة، عنوانها الرئيسي اعلان “التمرد” على الغرب / الامريكي المهيمن.

نعم ، ودون تسرع ولا وهم، هناك ما يشير – وان باحتشام – الى انه جاري العمل على تشكل “مزاج”عالمي جديد، معالمه قطعا غير واضحة، لكنه عالم ” كافر” بهيمنة امريكا والغرب، واساسا المركزية الاوروبية ذات الارث الاستعماري .

وفي هذا السياق يجب أن نفهم ما يحصل في دول الصحراء والساحل الافريقية التي أعلنت “التمرد” عن المستعمر الفرنسي، و “المسافة الديبلوماسية” لدول الخليج عن واشنطن، وأخيرا  الحركة النشطة للتحالفات والتجمعات الاقليمية والدولية، والتي تتزعمها كلها الصين.

تحركات مكثفة، تقدم جهودها كلها على أنها تروم التخلص من “الهيمنة” الأمريكية، حتى وان بدت هذه “النوايا” في طور “خافت” و “خجول” ويتحاشى “الصدام” مع واشنطن.

بالعودة الى الحراك الدبلوماسي من خارج المضلة الأمريكية والغربية، اختتم في العاصمة الكوبية أمس الأحد، اجتماع سمي قمة «مجموعة الـ77 + الصين» وذلك بعد أسبوع من اختتام قمة «مجموعة العشرين» في العاصمة الهندية نيودلهي، وقرابة ثلاثة أسابيع من اختتام قمة «البريكس» في جوهانسبرغ عاصمة جنوب أفريقيا.

يرى جل المراقبين لهذا “الحراك الدبلوماسي”، وخاصة من خلال “القمم الثلاث” ( قمة هافانا-كوبا، قمة العشرين-الهند و قمة البريكس-جنوب افريفيا )  هي الحضور الوازن والكبير لبكين برغم التغيب اللافت عن قمة العشرين.

و هو ما بدا كما لو أنه توجه “نحو مزاج عالمي جديد” بقيادة بيكين، اذ “تمثل القمم الثلاث، ضمن السياق الآنف، جهدا دبلوماسيا صينيا كبيرا بحيث يتناسب وزنها باعتبارها الاقتصاد الثاني الأعظم في العالم، مع وزنها في تقرير السياسات العالمية، وبدت آثار هذا الحراك الدبلوماسي واضحة في حماس دول عديدة تسعى بدورها لتفعيل أجندتها العالمية للانضمام إلى بريكس، وكذلك في استخدام الصين لهذه المنصّة العالمية لمنافسة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين.”.

نعم ، ودون تسرع ولا وهم، هناك ما يشير – وان باحتشام – الى انه جاري العمل على تشكل “مزاج”عالمي جديد، معالمه قطعا غير واضحة، لكنه عالم ” كافر” بهيمنة امريكا والغرب، واساسا المركزية الاوروبية ذات الارث الاستعماري.

2/

برغم الحضور الصيني اللافت، في كل هذه القمم وغيرها من علامات تصاعد المنافسة الصينية لأمريكا، في اكثر من مكان واكثر من قطاع بما في ذلك القطاع الأهم ونعني هنا المجال التكنولوجي، فان بيكين حريصة على التأكيد – وفي أكثر من مناسبة – على أنها “ليست منافس للولايات المتحدة، بل هي في تعاون معها، ولا تريد سد الفراغات التي قد تتركها امريكا في العالم”، و هذا الكلام للرئيس الصيني، صرح به بعد لقائه بالرئيس الامريكي بايدن ، قبيل قمة  G20)، في جزيرة بالي.

كما أن حلفاء واشنطن التقليديين، وخاصة دول لخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، الذين تجاوزوا الحاجز النفسي، بعد الانفتاح على الصين، وهو ما اثمر انعقاد القمة الصينية العربية، التي دعت لها المملكة منذ أشهر ، فان القمة وما تلاها من “اختراق ديبلوماسي” تمثل في التوسط الصيني في حلحلة الصراع  السعودي / الايراني، فان ما حصل لا يرتقي أبدا لإعلان ” فك ارتباط” المملكة مع واشنطن، وفسخ لعلاقة استراتيجية معقدة عمرها اكثر من 70 عاما، كما يتوهم البعض.

لكن، وبرغم وجود رغبة في احترام خطوط الاشتباك، وبروز ما يشبه عودة للحرب الباردة طرفاها في هذه المرة الصين و الولايات المتحدة، فان هذا لا يجب أن يحجب عنا انه يجري اليوم صراع على اشده، على و حول ادارة العالم في المستقبل ، صراع طرفاه الرئيسيين امريكا والصين.

صراع سينتهي – كما جرت العادة – بالجلوس على طاولة التفاوض، لتقسيم النفوذ و التأسيس لنظام عالمي جديد، سينهي او على الاقل سيحد كثيرًا من الزعامة الامريكية الأحادية للعالم.

هذه الزعامة التي تمددت مع سقوط الاتحاد السوفياتي نهاية ثمانينات القرن الماضي ، وما تزال مستمرة برغم بروز بعض مظاهر الضعف وحتى الوهن، وذلك حال عمر الامبراطوريات كما سبق وان تحدث عنها العلامة ابن خلدون.

برغم الحضور الصيني اللافت، في كل هذه القمم وغيرها من علامات تصاعد المنافسة الصينية لأمريكا، في اكثر من مكان واكثر من قطاع بما في ذلك القطاع الأهم ونعني هنا المجال التكنولوجي، فان بيكين حريصة على التأكيد – وفي أكثر من مناسبة – على أنها “ليست منافس للولايات المتحدة، بل هي في تعاون معها، ولا تريد سد الفراغات التي قد تتركها امريكا في العالم”، و هذا الكلام للرئيس الصيني، صرح به بعد لقائه بالرئيس الامريكي بايدن ، قبيل قمة  G20)، في جزيرة بالي.

3/

ما يجري فرصة لنا نحن العرب لإعادة “التموقع” ، وتحسين شروط التواجد في الهندسة الجيوسياسية الدولية الجديدة، وهذا ما شرعت فيه المملكة العربية السعودية مثلا، وكانت البداية بتنويع الشراكات وفتح ثغرة في مجالات أخرى هامة، خاصة تلك المتصلة بالصناعات العسكرية والتكنولوجية.

لا نريد ان تكون منطقتنا ( نحن العرب )، ضحية لتسوية دولية، تتركها مثلما كان في السابق في وضع المهمش بل المهيمن عليه، خصوصًا واننا نملك عديد نقاط القوة لو نحسن التصرف فيها

والاهم لو نحسن نسج تحالفات استراتيجية، مع القوى الاقليمية في منطقتنا اساسا ايران و تركيا، ولا نهمل افريقيا التي هي مجال تنافس كبير بين القوى الكبرى وخاصة واشنطن و بيكين.

جوهر الصراع بين الامم و الامبراطوريات تاريخيا، هو حول النفوذ و الثروات والمقدرات، وليس حول نشر الديموقراطية وحقوق الانسان، التي جعل منها العالم الغربي بقيادة امريكا ” مسمار جحا” لابتزاز الدول و الأمم، لكن هذا لا يعني حق شعوب العالم كلها – وأساس العربية –  في أنظمة سياسية وطنية تحترم المواطنة، وتسود فيها دولة القانون والحريات العامة والفردية.

ما يجري فرصة لنا نحن العرب لإعادة “التموقع” ، وتحسين شروط التواجد في الهندسة الجيوسياسية الدولية الجديدة، وهذا ما شرعت فيه المملكة العربية السعودية مثلا، وكانت البداية بتنويع الشراكات وفتح ثغرة في مجالات أخرى هامة، خاصة تلك المتصلة بالصناعات العسكرية والتكنولوجية.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP