الجديد

البريكس تتوسع في مراكز نفوذ الغرب .. من الخليج العربي الى أمريكا اللاتينية مرورا بافريقيا !

التونسيون- تحاليل

نجحت قمة دول مجموعة البريكس، التي انعقدت نهاية الأسبوع بدولة جنوب افريقيا، في دعوة ست دول جديدة منها الذي تجمعه بالولايات المتحدة تحالف استراتيجي على غرار المملكة العربية السعودية، التوسع المتوقع للبريكس سيشمل بلدان هامة و وازنة في الخليج العربي، و افريقيا و أمريكا اللاتينية، وبالتالي فان هذا التوسيع سيقوى أساسا من قوة و “شوكة” التحالف الاقتصادية، ما سيعزز جهود الكتلة في مواجهة الهيمنة الغربية تحديدا الأمريكية. فهل بدأ هذا التكتل في “غزو” المواقع الغربية – خاصة الأمريكية – التقليدية ؟

يعد قرار مجموعة / تكتل “البريكس” بالدعوة الى توسيع المشاركة فيه الى دول وازنة على غرار المملكة العربية السعودية – مصدر البترول الاول في العالم – أحد أهم العناوين الجيوسياسية لهذا الأسبوع. للاشارة فان البريكس وهي كتلة اقتصادية تتألف من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، و اقرت دعوة ست دول جديدة للانضمام إليها يوم الخميس الفارط، اعتبارا من غرة جانفي 2024، في ختام قمة تعد “ناجحة” استمرت ثلاثة أيام في جوهانسبرج ( عاصمة جنوب افريقيا).

الدول المدعوة هي كل من الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.  وتعد هذه الخطوة قرارًا تاريخيًا للمنظمة، مما يعززها كثقل موازن للمؤسسات التي يهيمن عليها الغرب، مثل مجموعة السبعة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ويمهد الطريق للتوسع المستقبلي المحتمل.  وفي هذا السياق قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا: “لقد شرعت مجموعة البريكس في فصل جديد في جهودها لبناء عالم عادل، عالم شامل ومزدهر أيضًا”.

و لعل السؤال الذي يحير المتابعين هو ذلك المتصل بمعايير قبول أو دعوة الدول الست للانضمام للتكتل؟ وما هو السبب وراء اختيار هذه الدول الست من بين أكثر من 40 دولة أبدت اهتماما بالانضمام هو أمر معقد؟ و هنا لابد من الاشارة الى أن كل من البرازيل والهند أعربتا في البداية عن ترددهما بشأن توسيع الكتلة، معتبرين  إن ذلك قد يضعف قوة البريكس ويضر بعلاقاتهما مع الولايات المتحدة.

على أن انضمام دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية سيؤدي إلى تهدئة هذه المخاوف. كلا البلدين الخليجيين شريكان وثيقان مع واشنطن ويستضيفان قوات أمريكية داخل حدودهما. ومن خلال إضافتها إلى مجموعة البريكس، فإن الكتلة ستظهر أنها غير مناهضة  للولايات المتحدة.

مع ذلك فانه لا يمكن التغافل على كون البريكس وخاصة دولتي الصين و روسيا يعملان على الضغط ضد النفوذ الغربي في الخليج وبقية دول العالم أيضا ( افريقيا و أمريكا اللاتينية).  وفي علاقة بتوسع البريكس خليجيا فان المملكة العربية السعودية – الشريك الاستراتيجي لامريكا في المنطقة – لم تؤكد بعد ما إذا كانت ستنضم إلى الكتلة، قائلة إنها ترغب في انتظار مزيد من التفاصيل حول ما قد تتطلبه العضوية.

وستكون عضوية المملكة العربية السعودية مهمة بطرق أخرى أيضًا.  ومع انضمام الرياض إلى البريكس، ستستضيف الكتلة الاقتصادية أكبر مصدر للنفط في العالم بالإضافة إلى أكبر مستورد للنفط، الصين، وعضو رئيسي آخر في أوبك +، روسيا.  ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تعاون أكبر بشأن قرارات إنتاج النفط التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على السوق العالمية.

لكن مجرد قيام مجموعة البريكس بإضافة دولتين صديقتين للولايات المتحدة إلى المجموعة لا يعني أنها تتخلى عن أهدافها لتكون بمثابة حصن ضد الغرب.  فدولة إيران مثلا تعد عدو قوي للولايات المتحدة، وهو أمر لن تتراجع عنه في أي وقت قريب. و الانضمامها إلى البريكس يقلل من عزلة إيران العالمية، وبالتالي يزيد من نفوذها ضد الولايات المتحدة في أي مفاوضات مستقبلية قد تجريها مع واشنطن، خاصة حول ما يتعلق ببرنامج طهران النووي.

ثم هناك الإضافتان الأفريقيتان: مصر وإثيوبيا. ومن بين أعضاء مجموعة البريكس الطموحين، جاء الاهتمام الأكبر من القارة الأفريقية ( على أن لرفض مطلب الجزائر اثار العديد من التساؤلات)، حيث تتنافس الولايات المتحدة وروسيا والصين على موطئ قدم هناك.  و بالنسبة لمجموعة البريكس، فإن تأمين عضوية مصر وإثيوبيا يقلل من النفوذ الغربي في منطقة تتجه بشكل متزايد إلى بكين للحصول على الإغاثة الاقتصادية وموسكو لصفقات الأسلحة.

وسيستفيد كلا البلدين أيضًا من سياسة عدم التدخل التي تنتهجها مجموعة البريكس، مما يمنح حكومتيهما غطاءً سياسيًا لاتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان.

وأخيرًا، هناك الأرجنتين، الدولة الوحيدة في أمريكا اللاتينية التي فازت بدعوة العضوية. وتأمل بوينس آيرس أن يؤدي دعم مجموعة البريكس في إطار بنك التنمية الجديد إلى مواجهة مخاطر الأزمة المالية المتفاقمة في البلاد، خاصة وأن الأرجنتين تعاني من تضاؤل ​​احتياطيات الدولار الأمريكي.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP