الجديد

الكامور 2020 .. في نسخته الثالثة

نبيهة كرير

يناقش مجلس نواب الشعب لائحة تصنيف تنظيم الاخوان تنظيما ارهابيا واعضاؤه يشاهدون قمعا في تطاوين وكأنهم عميٌ لا يبصرون رئيس الحكومة يجتمع بوزرائه وكأن شيئا لم يكن ولم يتقرر مجلس وزاري لتدارس مطالب جهة تطاوين الا بعد ان كاد الأمر يخرج عن السيطرة لولا وعي المحتجين وتعلقهم واصرارهم على سلمية احتجاجهم

الرئيس الذي استبشرنا بوصوله الى قصر قرطاج خيرا والذي فتح ابواب قصره امام المحتجين، المطالبين بحقوقهم يزور فرنسا دون اي رسالة منه الينا نحن من نحمي ظهره وظهر كل التونسيين في ظل ظرف اقليمي دقيق وخطير للغاية ..

الرئيس يحلم بقطار سريع يربط الجنوب بالشمال ويا ليته لم يحلم بأكثر من تحقيق العدالة الاجتماعية التي طالما نادى بها وحلمنا اننا اخيرا سوف ننعم بها .. كل الذي يحدث الآن في تطاوين يلفّه صمت مطبق من الدولة ..

كيف يحدث ما يحدث ولم نشاهد ولو تعليقا واحدا من طرف رئيس الحكومة الذي يمسك بكل الملفات بين يديه، كيف يحدث ما يحدث يا حكام اليوم وأنتم تعلمون أنّ أسلافكم لم ينجحوا فيما أنتم تفعلون اليوم وأنّ عهد المعالجات الامنية ولّى وانتهى،

الم تستوعبوا بعد ان سياسة الارهاب والتخويف ليست حلا وأنّها لن تثني شابا يحسّ بالظلم والغبن ان يعود ادراجه بمجرد ان يطلق رجل أمن قنبلة مسيلة للدموع في اتجاهه مباشرة.

كل ما يحدث في تطاوين درس في المطالبة بالحقوق ودرس في السلمية والاصرار ودرس في الوفاء بالعهد والتكاتف والاجتماع على الحقّ.

انطلقت ملحمة الكامور منذ ثلاث سنوات لم نشاهد فيها منشأة عمومية واحدة يقع الاعتداء عليها، لم نشاهد فيها ابدا اي اعتداء على الاملاك العمومية والخاصة .. تواترت الاحداث و الاعتصامات و تعاقبت الحكومات و الرؤساء و الحال ظل كما هو،

لم ينل الشباب المعتصم غير التسويف و الكذب و الضحك على الذقون و لم ينالوا من الغاز الذي تنعم به جهتهم الا ما يسيل دموعهم و دموع اهاليهم اللذين لم يسلموا من التدخل الوحشي لقوات الامن على امتداد يومين كاملين

لم يسلم الكبير الطاعن في السن و الصغير حديث الولادة و لا حتى المرضى المقيمون بالمستشفى فقد وصلت قنابل الغاز الجميع و كأن التعليمات قد جاءت للأعوان بالعدل في توزيع الغاز المسيل للدموع على جميع التطاوينية حتى و ان كانوا مرضى او رضّع .

عدل و يا له من عدل، عدل في الظلم من حكومة يتشدق رئيسها صاحب الاسهم و الصفقات بأنّها قوية و عادلة و يراها الطرف الاكبر من أنّها بحاجة لحزام أوسع و لعلّه على حقّ فالحزام السياسي قد يخفف عنهم الضغط و يسمح لهم بممارسة أي نوع من أنواع القمع و هم أصحاب الخبرة في وأد الاحتجاجات،

الم يجيزوا يوما ضرب المعتصمين و المحتجين المهمشين المفقرين بالرشّ، حكومة يرى طرف آخر بأنّها ليست على قدر من المسؤولية و الكفاءة لتدير شؤون البلاد و لعله يرى في ما يحدث في ربوعنا فرصة للانقضاض و غرس براثنه في جسد حكومة فاشلة مترنّحة يفوح الفساد منها من كل جانب ..

لهؤلاء وهؤلاء نقول أنّ تطاوين وشبابها لن يكونا وقود معارككم الزائفة حول الوطن فمناكفتكم تحت قبة المجلس تتحدث عنكم أنتم اللذين جعلت نصب أعينكم صراعات خارج وطننا لا تعني شبابنا في شيء وتركتم جهة كاملة مسرحا للاعتداء والتجنّي والظلم.

تطاوين تعيش اليوم فصلا جديدا من الصمود في وجه الظلم والقمع ولن يركع ابناؤها ولن يهدأ لهم بال إلا باسترداد حقوقهم المسلوبة وانصاف مطالبهم وتعهد الحكومة باستكمال وتنفيذ ما بقي من نقاط في اتفاق الكامور ومحاسبة كل ما من كان له يد فيما حدث في اليومين الاخيرين من اعتداء ات طالت جميع أهالي المدينة الهادئة التي لم يعرف عن أهلها غير الطيبة والأنفة والرجلة.

أخيرة الى رجال الأمن، لا طالما كانت علاقتكم بالمواطن متوترة ولم تكفكم سنوات الثورة العشر محاولة تحسينها، لم نركم يوما اعداء للمواطن اذ لا تخلو عائلة من عائلات كل التونسيين من أمني او عسكري ..

انتم درع الوطن و حماته فلا تكونوا اداة لتخريبه و لا تكونوا اداة قمع في يد من يجلسون وراء الكراسي الفارهة و المكاتب المكيفة .. لا تهدروا فرصا اتيحت لكم فالمواطن سندكم في المقام الاول ..

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP