الجديد

السعودية وروسيا .. منظور جديد للعلاقات الثنائية  

بسام عودة *
تشهد العلاقات الثنائية السعودية الروسية الممتدة منذ أكثر من 90 عاما تطورا جديدا يحمل رؤية جديدة ينتظر أن تكون بمثابة خطوة واثقة نحو بناء محور استراتيجي بين الرياض وموسكو .
في هذا الاطار يمكن أن نفهم زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة للمملكة ، والتي تعد استثنائية وهامة، من جهة توقيت الزيارة الذي يعطيها اهمية اقليميه ودوليه، في ظل تعقيدات الأوضاع العربية والإقليمية ، وتزامنها مع التوغل التركي في الأراضي السورية ، وبدء انسحاب القوات الاميركية من مناطق الأكراد.
وهو  موقف اثار شكوك محيرة تثير تساؤلات حول ما يجري من تصعيد و تأزم الموقف في كل الاتجاهات ، عجل بزيارة بوتين للسعودية والتي وصفها البعض بلوي الذراع للولايات المتحدة ، التي تحاول ارضاء السعودية لتعزيز قدراتها الدفاعية.
مهدت روسيا  للزيارة خلال اجتماع بوتين بولي العهد خلال قمة العشرين ، في قراءة لتوجهات السعودية وتعزيز نفوذها العربي والإقليمي ، وتدرك موسكو ان دور العربية السعودية ليس اقليميا فقط بل يتعدى ذلك ، فهي تعد ثقل اقتصادي للعالم وبعدا روحيا للمسلمين.
كما تأتي الزيارة  بعد التصريحات الإعلامية الامريكية حول بيع السلاح بين التأييد والرفض وبعض العبارات “المارقة” والتي اعتبرت استفزازية ، فهل يكون القرار اتخذ  بالتوجه الى موسكو .
يذكر أن روسيا ومن خلال أزمة الملاحة في الخليج ، طرحت منظومة للتعاون الأمني للحفاظ على حركة الملاحة في مضيق هرمز تشمل إيران والدول الخليجية بما فيها السعودية، إذن اهم خطوة للرئيس بوتين التوسط بين حليفته ايران والسعودية من اجل إنهاء الخلاف ،والتوصل لتقريب وجهات النظر ، تقدم من خلالها طهران تنازلات يحد من غضب السعودية بعد ما تعرضت له المنشآت النفطية للعدوان ، والتخلي عن الملف اليمني والضغط على الحوثيين من اجل اتاحة الفرصة للتوصل لحل دبلوماسي.
في ذات السياق نشير الى أن زيارة  رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان لطهران تشير الى بوادر الانفراج وقد وصرح بذلك قائلا “أن التحرك الذي يقوم به هو مبادرة خاصة لتسهيل العلاقات بين الرياض وطهران وليس للوساطة”، موضحا “أن السبب الرئيس لزيارته لإيران هو العمل على الحد من التوتر في المنطقة التي قال إنها ليست بحاجة إلى صراع جديد أو أزمة جديدة”.
وفي عدن كان الموقف واضحًا ، في انتشار جديد للقوات السعودية في المطار والمناطق المناطق الحساسة وأخذت زمام الأمور ، ودعت الى تشكيل حكومة يكون للمجلس الانتقالي دور فيها ، وهذه بوادر الانفراج في قضايا المنطقة ولا يستبعد ان تأتي الأزمة الليبية في مرحلة قادمه من اجل الضغط على كافة الأطراف لإيجاد حل للنزاع القائم والقضاء على بقايا الجماعات الارهابية الفاعلة في الأوراق المبعثرة للملف الليبي.
أما القضية المحورية فلسطين التي تواجه تصدعا من داخل الأطراف الفلسطينية ، مواقف حماس المترددة والمختلفة في كل الاتجاهات اضعف الموقف الفلسطيني ، السعودية تتعرض لحملة إعلامية حول ما يسمى بصفقة القرن ، و واقع الحال يشير ان ما يجري هو من اجل زيادة حدة الانقسام العربي المنقسم أصلًا.
نحن ندرك حجم الدعم الذي قدمته المملكة للقضية الفلسطينية لكن الفساد المالي المستشري وضع علامات استفهام حول الدعم المتأزم بسبب عدم الثقة ، إذن لماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها ونواجه الواقع ، الخطاب الثوري والشعارات المبطنة باسم الإسلام هي أطاحت بهيبة النسيج والكيان العربي ، القضية الفلسطينية تحتاج لصدق الموقف والبعد عن المزايدات الإقليمية التي تخدم مصلحه الكيان الاسرائيلي في ظل ما يجري من أزمات عربية.
ان الموقف السعودي أكده الملك سلمان حينما شدد على “حرص المملكة على مواصلة دعمها الثابت والدائم لشعبنا وقضيته العادلة بكافة الإمكانيات المتاحة، سياسيا واقتصاديا، في كافة المحافل”.
ان السياسة تحتاج الى فهم المعضلة العربية التي اضاعت فرص التكامل الاقتصادي والنمو وهو مركز القوة للدول والشعوب ، العربية السعودية لها منظور خاص وستعمل على تطوير الاقتصاد وخاصة في مجال النفط وإعادة الحسابات مع اميريكا وبناء جسر جديد مع موسكو لتبقى محور الاقتصاد العالمي في حجم إنتاجها الضخم المؤثر في الساحة الدولية.
*كاتب صحفي اردني، مقيم بتونس
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP