الجديد

المهدي جمعة .. “صاحب البديل” ينافس على الرئاسة  

خديجة زروق
تحول اسم مهدي جمعة وحزبه الى رقم أساسي في الحياة السياسية وذلك في انتظار التأكيد خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة الرئاسية في مارس القادم التي قرر الترشح لها وكذلك التشريعية في أكتوبر المقبل والتي سيكون حزبه “البديل التونسي” حاضرا فيها بقوة من خلال مشاركة في كل الدوائر والتي عددها 33 في الداخل والخارج.
قبل ثورة 14 جانفي 2011 لم يكن اسمه متداولا في الحياة السياسية ولا الجمعياتية ولا النقابية،  كما هو جل السياسيين من الذين يتصدرون المشهد الحالي، قبل أن يقترحه علي العريض وزيرا للصناعة في حكومة الترويكا الثانية، بعد سقوط حكومة الجبالي على اثر اغتيال الشهيد شكري بلعيد.
لم ينتبه وقتها أحد لهذا الوجه الجديد القادم للحياة السياسية من عالم الأعمال في الخارج، وظل مهدي جمعة أصيل مدينة المهدية في الظٌل، دون إثارة الانتباه ودون أي حضور أعلامي، الى حين طرح اسمه كرئيس للحكومة التي جاء بها الحوار الوطني، التي ولدت بعد مفاوضات عسيرة، بدأت على أثر اغتيال الشهيد محمد البراهمي، وتعليق مصطفى بن جعفر لأشغال المجلس التأسيسي، وانطلاق اعتصام الرحيل، المطالَب برحيل حكومة الترويكا.
وقتها انتبهت الأوساط السياسية لهذا الشاب الأنيق ( من مواليد 1962) قياسا بالوجوه التقليدية للطبقة السياسية، التي كانت مطروحة لرئاسة الحكومة مثل محمد الناصر ومصطفى الفيلالي. ومنذ ديسمبر 2013 اكتشف المشتغلون في الحقل السياسي  والنقابي ورواد شبكة التواصل الاجتماعي هذا المهندس الذي جاء في سياق الحوار الوطني الذي رعاه رباعي نوبل ( الاتحاد العام التونسي للشغل ورابطة حقوق الإنسان واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وعمادة المحامين).
منذ ذلك التاريخ،  بدأ ” التفتيش ” في ماضي الرجل، ومن أبرز ” ملفاته ” انخراطه في الاتحاد العام التونسي للطلبة (الذراع الطلابي لحركة الاتجاه الإسلامي في الثمانينات)،  لكن هذا الانخراط لم يكن بارزا إذ لم يتحمٌل أي مسؤولية في هياكله.
جاء مهدي جمعة الى القصبة في أواخر جانفي 2014 ، ومن البداية كانت خارطة الطريق واضحة تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية ومكافحة الإرهاب وإعادة الاعتبار للدولة ، ونجح الوافد الجديد الى حد كبير، في تنفيذ ما طلب منه ومن حكومته.
كما لقي جمعة قبولا في الشارع التونسي، لأنه قدّم خطابا مختلفا بعد ثلاث سنوات من ” التشنج الثوري “، الذي لم يقدٌم عمليا أي نتيجة خاصة في مستوى التنمية، مقابل تنامي الاٍرهاب.
نجح المهندس “الطارئ” على المشهد السياسي،  في طمأنة الشارع التونسي، بعد فشل الترويكا في تحقيق انتظارات وأحلام التونسيين في تغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي،  إذ أزداد الوضع انهيارا مع تفاقم الاٍرهاب بشكل غير مسبوق في تاريخ تونس.
بعد انتخابات 2014 وتسليمه مقاليد القصبة للحبيب الصيد اختفى مهدي جمعة ليعود من باب منظمة البدائل، التي قدٌم في إطارها مجموعة من الدراسات المستقبلية، المتعلٌقة بقضايا اجتماعية واقتصادية، قبل أن يعلن عن تشكيل حزب يحمل أسم “البديل التونسي”،  الذي تعزز بالاندماج مع حزب “تونس اولا” المنشق عن حركة نداء تونس .
اللافت في حضور مهدي جمعة في المشهد السياسي هو ابتعاده عن “بلاتوهات” الإذاعات والفضائيات، مقابل تواصله المباشر مع المواطنين من الشمال الى الجنوب مرورا بالوسط والساحل، وكانت أخر لقاءاته مع المواطنين في مدينة الفوٌار في أقصى الجنوب التونسي، المدينة التي لم يزرها أحد من السياسيين منذ زيارة منصف المرزوقي في حملته الانتخابية نوفمبر 2014 .
كما تميٌز خطاب مهدي جمعة في المرٌات القليلة التي ظهر فيها بالهدوء والواقعية والابتعاد عن “اللغو النضالي” و “العنتريات الثورية”.
في الفترة الأخيرة لاحظنا أن الرجل بدأ يراهن على المكوّن الدستوري من خلال اختياره لمدينة قصر هلال التي عقد فيها أوٌل اجتماع شعبي ورمزية المدينة التي شهدت انطلاق الحزب الدستوري الجديد بزعامة الحبيب بورقيبة.
وهنا تجدر الاشارة الى أن جمعة لم يدٌعي الانتماء للتيار الدستوري، لكنٌه يؤكد على الانتماء لأرث دولة الاستقلال، وهو ما يميزه عن كل مكوٌنات المشهد السياسي، فلم يعرف عنه لا المعارضة ولا المساندة لنظامي بن علي وبورقيبة، وقد يرشحه هذا للاستفادة من هذا الإرث دون ادعاء الانتماء إليه .
يخطط مهدي جمعة للفوز بمقاعد هامة في مجلس نوٌاب الشعب في الانتخابات القادمة حتى يتمكٌن من تشكيل الحكومة أو التحالف مع الطيف الدستوري، فهل يكون مفاجأة انتخابات 2019 بعد حالة الإحباط التي يعيشها الشارع التونسي؟ فهل ينجح حزب “البديل التونسي” بزعامة مهدي جمعة في ان يكون “بديلا حقيقيا” ؟
من هو مهدي جمعة ؟
 تخرج جمعة في 1988 من المدرسة الوطنية للمهندسين في تونس ثم حصل في 1989 على شهادة دراسات معمقة في الميكانيك.
ويعتبر جمعة من المتخصصين في مجال تكوين الكوادر وتطوير المؤهلات العلمية في مجال إدارة الأعمال واستراتيجيات التسويق كما عرفت به الوكالة الوطنية التونسية للأنباء. وشغل جمعة منذ بدايات التسعينات مسؤوليات في مجال تخصصه بعدة شركات خاصة. ولم يعرف عنه تقلده منصبا سياسيا قبل تسميته وزيرا للصناعة في حكومة علي العريض في 2013.
وعمل مهدي جمعة في شركة “أيروسباس” التابعة لمجموعة توتال الفرنسية. وفي 2009 تمت تسميته مديرا عاما لقسم الطيران والدفاع وعضوا في اللجنة الإدارية على رأس ستة فروع للشركة متمركزة في فرنسا والولايات المتحدة والهند وتونس.
وخلال توليه حقيبة الصناعة، لم يثر جمعة الجدل ولم يدخل في المعارك التي تقسم السياسيين، بل اكتفى بتصريحات وشارك في نقاشات محصورة في اختصاصه. من جهة أخرى أيد جمعة إصلاحات لا تلقى شعبية في تونس على غرار أسعار المحروقات في 2014. وسعى مهدي جمعة إلى جلب مستثمرين أجانب لتحريك الاقتصاد التونسي، في ظل نسب بطالة مرتفعة.
تم اختيار مهدي جمعة (51 عاما) وزير الصناعة في الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، في ديسمبر 2013 رئيسا جديدا لحكومة غير حزبية حلت محل حكومة العريض، حكومة وفق خارطة طريق مسبقة، أهما قيادة البلاد  نحو إجراء انتخابات عامة.، وهو ما نجح فيه وسلم الحكم للفريق الفائز في انتخابات أكتوبر 2014.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP