“لاكروا” الفرنسية: انتخابات الرئاسة التونسية مفتوحة على جميع الاحتمالات
سلَّطت صحيفة “لاكروا” الفرنسية، الضوء على مخاوف ترافق الحملة الانتخابية في تونس وصفتها بأنَّها مفتوحة على جميع الاحتمالات، إذ يتنافس 26 مرشحاً، بمن فيهم اثنان من رجال الأعمال الذين يواجهون تحدِّيات قانونية، قُبيل الاقتراع المقرر في الشهر الجاري.
وقالت في تقريرها: إنَّ التشتُت والارتباك والتوترات، هكذا يمكن للمرء أن يصف الحملة الانتخابية التونسية، التي فتحت أبوابها الاثنين، 2 سبتمبر/أيلول، استعداداً للانتخابات الرئاسية المقرر مطلع 15 سبتمبر/ أيلول.
وأضافت الصحيفة: “بعد إبطال أوراق 71 ترشيحاً، أكَّدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في 31 أغسطس/ آب المنصرم، قائمة تضم 26 مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية، مما يدل على انفجار الساحة السياسية في البلاد”.
مرشحان مطلوبان
وأشارت إلى أنَّه من بين المرشحين الـ 26، اثنان من رجال الأعمال معروفون شعبياً، ولديهم قضايا في المحاكم، أولهما: سليم الرياحي، المشتبه في قضية غسيل أموال وفساد، حيث تمَّ تأكيد مُذكرة توقيف صدرت ضده في نهاية أغسطس/آب المنصرم من محكمة النقض.
وتابعت الصحيفة: لذلك فقد أعلن من فرنسا عبر تقنية الهولوجرام (عرض مرئي يقوم بإعادة إنشاء الصورة وعرضها ثلاثية الأبعاد، لتطفو في الهواء كمجسم هلامي ويظهر كطيف مـن الألوان يتجسد على الشكل المراد عرضه) تشكيل حزبه “الوطن الجديد”، 28 أغسطس/آب المنصرم.
وأوضحت “لا كروا” أنَّ المرشح الثاني هو، نبيل القروي، الذي يعرفه الجميع، إذ أحتجز قطب الإعلام ورئيس حزب “قلب تونس” منذ 23 أغسطس/ آب المنصرم، وهو متهم أيضاً بغسيل الأموال.
وبحسب الصحيفة، يُعتبر قطب الإعلام التونسي، الذي ينظر إليه على أنَّه أحد إعلاميي تونس البارزين، ورئيس قناة “نسمة” ذات الصوت المعارض دوماً، وله صِيت واسع في المجتمعات التونسية الفقيرة والشعبية بفضل برامجه الشعبوية، حتى أنَّه يصف نفسه بـ”مرشح الفقراء”، أحد المرشحين البارزين بين قائمة الـ26 ، الذين سيشاركون في الجولة الأولى.
ونوهت إلى أنَّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لم تتمكن من رفض ترشيح هذا الشخصيات، لأنَّ الرئيس الباجي قائد السبسي، رفض قبل وفاته في 25 يوليو/ تموز الماضي، توقيع التعديلات على قانون الانتخابات.
وذكرت، أنَّ الإصلاح القانوني الانتخابي هذا، الذي تبناه البرلمان في 18 يونيو/ تموز، يهدف على وجه الخصوص، إلى عرقلة الطريق أمام نبيل القروي الذي كان يتقدم في استطلاعات الرأي، ووضعه خلف القضبان، قبل ثلاثة أسابيع من التصويت، مما زاد التوتر.
ونقلت الصحيفة عن هيئة الانتخابات التونسية، قولها: إنَّ القروي سيظل مرشحاً رئاسية، طالما لم تتم إدانته بصورة رسمية من المحكمة، فيما يحتج أنصار المرشح الرئاسي المسجون للمطالبة بالإفراج عنه حتى يتمكن من المشاركة في الحملة الانتخابية.
وقال الخبير السياسي حمادي ريديسي للصحيفة الفرنسية، إنَّه “لا شك أنَّ هذا السياسي أصبح في ورطة بسبب اعتقاله”، مضيفاً: “لكن مُنذ أن تم الزج بنبيل القروي في السجن، ما زال يتقدم في الاستطلاعات، حتى لو تم منعه، على ما يبدو لا يزال في مقدمة السباق، فشعاره (السجن لن يمنعنا، موعدنا يوم 15 سبتمبر/أيلول الجاري)” يزدهر في الشوارع.
“المعسكر الحداثي”
وأوضحت “لاكروا” أنَّه في المعسكر الإصلاحي، هناك عشرة مرشحين، من الجادين والمهمشين- مثل وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي أو رئيس الوزراء يوسف شاهد – يناضلون من أجل الفوز بهذا التصويت، ناهيك عن المرشحين التابعين لأقصى اليسار من رقعة الشطرنج السياسية.
واستطردت: “أما حزب النهضة الإسلامي، فقد رشح، عبد الفتاح مورو، الرئيس الحالي بالنيابة لمجلس نواب الشعب التونسي، لكنَّه سيواجه أيضاً بعض المنافسين الصغار.
ومن وجهة نظر مختار الطريفي، الرئيس الفخري للرابطة التونسية لحقوق الإنسان: لا يمكن استبعاد سيناريو الجولة الثانية بدون مرشح للمعسكر الديمقراطي، حيث لا يمكن استبعاد الإسلامي عبد الفتاح مورو وصاحب الشعبية نبيل القروي”، مشيراً إلى أنَّه في مواجهة المخاوف، فإنَّ سُبل علاج الوضع الاقتصادي المتدهور والتفاوتات المتزايدة باستمرار بين المناطق الداخلية والساحلية، والتي أدَّت إلى انتفاضة 2011 ، لا تملك سوى مجال صغير في النقاش، حسبما قلت “لاكروا”.
ورأت الصحيفة الفرنسية، أنَّ” الدعوات إلى التجمع وراء شخصية حداثية واحدة – خاصة بالنسبة لعبد الكريم الزبيدي – ستظل بلا جدوى، فالاقتراع الذي سيتضمن 26 مرشحاً لم يعد قابلاً للتغيير”.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أعلنت السبت الماضي أنَّ القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة ضمَّت 26 اسماً وضمت قائمة أسماء المترشحين المقبولين نهائياً بالترتيب الصادر عن هيئة الانتخابات كل من منجي الرحوي، محمد عبو، عبير موسي، نبيل القروي، محمد لطفي المرايحي، المهدي جمعة.
كما شملت القائمة أيضاً: حمادي الجبالي، حمة همامي، محمد المنصف المرزوقي، عبد الكريم الزبيدي، محسن مرزوق، محمد الصغير نوري، محمد الهاشمي حامدي، عبد الفتاح مورو، عمر منصور، يوسف الشاهد، قيس سعيّد، إلياس الفخفاخ، سليم الرياحي، سلمى اللومي، سعيد العايدي، أحمد الصافي سعيد، الناجي جلول، حاتم بولبيار، عبيد بريكي، وسيف الدين مخلوف.
وكان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية، في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إلا أنَّ وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، دفعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتعديل مواعيد وتوقيتات الاستحقاق الانتخابي الرئاسي الثاني، بعد نجاح ثورة الياسمين في الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 14 يناير/ كانون الثاني 2011.
وهناك ضبابية في الرؤية حول من يمكنه الفوز بهذا الاقتراع والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية التي أنجبتها ثورة 2011، حيث يُؤكد تقرير لمركز “جسور” التونسي للأبحاث أنَّه للمرة الأولى لا يملك التونسيون فكرة عمن سيكون الرئيس.
وأوضح “جسور” أنَّه في عام 2014، كان هناك مرشحان قويان هما، الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي، لكن اليوم كل شيء وارد، خاصة أنَّه في عام 2014 تحولت وجهة الخطاب السياسي بين الإسلاميين والعلمانيين، ومن المنتظر أن يكون محور الانتخابات الرئاسية هذه بين من ضد ومن يدعم النظام.
Comments