الجديد

تشريعيات 2019 .. تحالفات في مهب الريح

هشام الحاجي
اربكت نتائج الدور الاول للانتخابات الرئاسية حسابات كل الاحزاب السياسية و ان بدرجات متفاوتة لأنها شكلت ما يمكن اعتباره استفتاءا شعبيا في رفض منح الاحزاب فرصة اخرى للامساك بمقاليد الامور.
لم يقف الارتباك عند هذا الحد لان الاحزاب و اساسا التي في السلطة او في فلكها اصبحت تخشى ان تنعكس نتائج الانتخابات الرئاسية على الانتخابات التشريعية و هو ما من شانه ان يعطي فرضيتين لا تقل الاولى مرارة عن الثانية بالنسبة لحركة “النهضة” و حركة “تحيا تونس ” و الاحزاب و الشخصيات التي تتفق معها اليوم في اعتبار ان الجمهورية في خطر.
بعض التوقعات تذهب الى ان حزب “قلب تونس” سيفتك الصدارة في الانتخابات التشريعية و هو ما يعني ان نبيل القروي سيفرض على الجميع التعامل معه لان حزبه هو الذي سيكون مكلفا  – حتى و ان فشل في هزم قيس سعيد – بتشكيل الحكومة الجديدة .
اما الفرضية الثانية فتتمثل في ان قيس سعيد الذي استطاع بناء الة انتخابية فعالة بعيدا عن انظار الجميع قد يدفع نجاحه في اتجاه التصويت المكثف لقائمات حزبية او ائتلافية قريبة بما يؤدي الى حصولها الصدارة و تكليفها بالتالي بتشكيل الحكومة .
هذه الوضعية فرضت اتصالات ماراطونية شارك فيها يوسف الشاهد و راشد الغنوشي و مهدي جمعة و ياسين ابراهيم و عبد الكريم الزبيدي و ذلك من أجل الحد من تداعيات “الدش الاسكتلندي ” على صحة احزاب و مؤسسات انهكتها ممارسة لسنوات معدودة للحكم.
بعض الاختلافات في التقييم و في “الحسابات الخاصة ” لم تمنع من الاتفاق حول استراتيجية “القطع المزدوج للطريق” امام ” قلب تونس” و نبيل القروي في الرئاسية و التشريعية .
و على هذا الاساس جاءت الطعون في نتائج الدور الاول للانتخابات الرئاسية من اجل ابعاد نبيل القروي و تقديم عبد الفتاح مورو ” قربانا ” على طريق جعل عبد الكريم الزبيدي منافسا لقيس سعيد في الدور الثاني و العمل على اعادة تشغيل سيناريو “التصويت المفيد ” الذي اثبت جدواه في “التخلص” من المنصف المرزوقي سنة 2014 .
هذا السيناريو قد يكون غير قابل للتطبيق او غير مثمر سياسيا . فقد يرفض القضاء لسبب او لأخر الطعون و يقر نتائج الدور الاول كما انه قد يصعب وضعه موضع التنفيذ سياسيا لعجز الاحزاب و الشخصيات التي تقف وراءه عن تجنيد الناخبين و عن هزم قيس سعيد انتخابيا .
هذه الفرضية لم تغب عن اذهان السياسيين المتخوفين على الجمهورية . و هنا يبدو الوضع اكثر تعقدا و استعصاءا في ظل ما يتأكد من ان حركة “النهضة ” هي الاقدر على منافسة “قلب تونس” او الاحزاب القريبة من قيس سعيد و من ان حركة النهضة ليست في افضل حالاتها و هو ما يعني انها قد لا تكون في المرتبة الاولى و هو ما فرض على البعض التفكير في “جبهة انتخابية ” ليس بالإمكان تشكيلها حاليا و الحملة الانتخابية في منتصفها.
وضع معقد بالنسبة لحزبي التوافق و الاحزاب التي تتقاطع معهما حاليا في التقييم و غياب مزمن لقراءة استباقية و لمبادرة حقيقية و هو ما يجعل من هذه التحركات اشبه ما يكون بحركات احمائية في الوقت البديل.
 

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP