الجديد

مركز كارنجي: هل نشهد موجة جديدة من ثورات الربيع العربي في العام 2019؟

تونس- التونسيون

في اطار متابعته للحراك الذي تشهده عدد من العاوصم العربية من الجزائر الى لبنان الى اليمن وصولا للعراق طرح مركز كارنجي للبحوث السؤال التالي: « هل نشهد موجة جديدة من ثورات الربيع العربي في العام 2019؟ ».

في ما يلي أجوبة عدد من باحثي المركز:

سحاق ديوان | أستاذ حائز على منصب « كرسي التميّز للعالم العربي » في جامعة باريس للعلوم والآداب، وأستاذ في المدرسة العليا للأساتذة (Ecole Normale Supérieure)

بالتأكيد. ومع بدء شتاء العام 2020، غالب الظن أن تجتاح موجة السخط الشعبي هذه دولاً أخرى. في هذه الموجة، تُعتبر الظروف الاقتصادية الكامنة هي الفارق الأبرز الذي يميّزها عن سابقتها. ففي العام 2011، كانت أسعار النفط في ذروتها وكانت الاقتصادات تشهد أسرع وتيرة من النمو منذ عقود. لكن الوضع الاقتصادي بات أصعب بكثير في الوقت الراهن، نظراً إلى انهيار أسعار النفط بعد العام 2014. فقد تباطأ النمو، في ظل ارتفاع معدل الدين العام والبطالة. ولم يعد في متناول الأنظمة الحاكمة سوى موارد قليلة لتمويل شبكات الزبائنية. إذن، في حين أن التوق إلى الكرامة شكّل زاد الثورات السابقة، يبدو أن الجوع هو الدافع الأساسي للاحتجاجات الراهنة.

استقت الموجة الثانية من الاحتجاجات الدروس والعبر من الموجة الأولى. فالمتظاهرون لم يعودوا قانعين بإطاحة الحكّام السلطويين الطاعنين في السن، بل باتوا يستهدفون هياكل الدولة العميقة. لكنهم يحرصون في الوقت نفسه على تفادي الانقسام على أساس هوياتهم وانتماءاتهم، ويطالبون بتنظيم انتخابات جديدة يُعتد بها. أما التحدي الذي تواجهه كل دولة فيكمن في إيجاد المسار المؤدي إلى عملية انتقالية سياسية واقتصادية تُرضي الشارع. حتى تونس الماضية في الدمقرطة، لم تعثر بعد على السبيل للمضي قدماً. عجلة التاريخ تدور مجدّداً، لكن المقبل من الأيام لايزال طي المجهول.

رشا العقيدي | مديرة تحرير « ارفع صوتك »، وزميلة في معهد أبحاث السياسة الخارجية

شكّلت البطالة، ربما، دافعاً للتظاهرات والاعتصامات المتفرّقة التي شهدها العراق خلال العام 2019. لكن أحداثاً أخرى، مثل نقل الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي من منصبه في جهاز مكافحة الإرهاب الذي يُعدّ من بين قوات النخبة، وردّ الحكومة بالقمع والقتل بحق المتظاهرين السلميين في 1 تشرين الأول/أكتوبر، أقنعت الجيل الجديد الذي لم يشهد بعد راحةً أو استقراراً بأنه يجب وضع حدّ للوضع القائم. هم اعتادوا على حرية التعبير والاحتجاجات، التي هي للمفارقة نتيجة الديمقراطية، وخرجوا إلى الشوارع مطالبين بحياة أفضل. فما يريدون هو التغيير الجذري، إذ إن نظام مابعد العام 2013 الذي أُرسي بعد العملية التي قادتها الولايات المتحدة للإطاحة بحكم صدام حسين الدكتاتوري القاسي، لم ينجح في بناء دولة عراقية آمنة ومستقرة ومزدهرة، على الرغم من الإيرادات النفطية الكبيرة. كان العراق الجديد يعتزّ بصونه أحد أشكال الديمقراطية المتمثّل في الحق في التظاهر. لذا، عندما قُتل عشرات المتظاهرين العزّل برصاص قناصّة جنّدوا بمباركة إيران، لم يعد بإمكان العراق الحفاظ على سمعته هذه.

الشباب العراقيون يرفضون كل النظام السياسي الذي يعتبرونه غير قابل للإصلاح. وهذه التظاهرات ليست « ربيعاً عربياً » آخر، ولا هي جزء من موجة ثورية إقليمية، بل هي انعكاس لسياق عراقي ضيّق لا ينطبق على تونس أو الجزائر أو مصر. فالاحتجاجات لم تستهدف بدايةً النفوذ الإيراني في العراق، لكن التعبير الجريء عن السخط حيال الجار الإيراني بات سمة بارزة للثورة العراقية، ما من شأنه أن يصبح الفتيل الذي يشعل حرباً أهلية أو يؤدي إلى حملة قمع شرسة. تحمل التظاهرات في بغداد والمحافظات الجنوبية بعض أوجه الشبه مع تظاهرات لبنان، لكن الرد شبه الفاشي لجهاز الأمن العراقي وعدد القتلى الكبير الذي يقارب راهناً 300 شخص، يُنبئان بعواقب وخيمة ومستقبل قاتم.

منى يعقوبيان | مستشارة أولى لشؤون سورية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد السلام الأميركي (United States Institute of Peace)

لم يلفظ الربيع العربي أنفاسه الأخيرة بعد، لكنه دخل في سبات عميق وحسب، وغلبته وحشية الأحداث في سورية وليبيا واليمن ومصر. تعود جذور هذه الموجة الثانية من التظاهرات الحاشدة إلى الانتفاضات العربية في العام 2011. مع ذلك، فقد ولّدت شيئاً مختلفاً، إذ إن تظاهرات العام 2019 تطوّرت بعد استيعاب بعض الدروس المستقاة من الانتفاضات السابقة. من الناحية المثالية، ترسّخ هذه الانتفاضات مقاومة القوة المُظلمة المدمّرة التي أربكت جيرانها. في لبنان والعراق، يشكو المتظاهرون من الطائفية (وهي محرك الصراع السوري)، بدلاً من الترويج لهوية وطنية أكثر حيوية. في السودان، ظهر اتفاق تقاسم هشّ للسلطة بين المعارضة المدنية والجيش بعد أشهر من التظاهرات الحاشدة التي انطلقت على خلفية ارتفاع أسعار الخبز. مع ذلك، جمعت الاحتجاجات دعماً شعبياً هائلاً، ولم ترضخ (كما في مصر) للإيديولوجيات المُقسِّمة، أو التنافس السياسي، أو حتى استخدام القوة. واظبوا واستمروا. لكن يبقى بعيداً كل البعد عن الوضوح ما إذا كان هذا الموسم الجديد من الاحتجاجات سيُحدث مزيداً من التغيير المستدام والسلمي، والمقاوم للعنف والفوضى. هذا وتُقدّم « البراعم الخضراء » في ثورات العام 2019 بعض الأسباب الدافعة للشعور بالأمل.

دالية غانم | باحثة مقيمة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط

الدول الأربع التي اختبرت موجات احتجاجات في العام 2019 هي الجزائر والسودان والعراق ولبنان، وهي دول بقيت بمنأى عن « الربيع العربي » في العام 2011. في هذه الدول، كان الشعب لايزال مهزوزاً بسبب سنوات من الصراع والعنف السياسي. بيد أن موسماً جديداً من السخط انطلق، لكن هذه المرة، كانت الوسائل المستخدمة سلمية. وتتمثّل الأسباب الثلاثة الأساسية لذلك في أن الناس: أولاً تعلّموا من دروس ماضيهم وجيرانهم؛ وثانياً، هم يريدون الحفاظ على تحرّكهم في الوقت المناسب وجذب المزيد من المؤيدين على المستويين الوطني والدولي؛ وثالثاً، لايريدون منح حكوماتهم فرصة استخدام التكتيكات القمعية ضدّهم ووضع حدّ لتظاهراتهم الشعبية.

انطلقت هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات راهناً لأن الاستياء الاجتماعي يتنامى منذ سنوات، كما أن الأسباب نفسها التي أدّت إلى اندلاع انتفاضات العام 2011 لاتزال موجودة في المنطقة. إذا ما أُخذت الجزائر كمثال، فقد أدّى انخفاض أسعار النفط في منتصف العام 2014 إلى تدهور الوضع الاقتصادي، وبحلول العام 2019، وصلت الحكومة إلى نقطة لم تعد فيها قادرة على شراء السلام الاجتماعي كما فعلت في العام 2011.

علاوةً على ذلك، لم يكن للإصلاحات الشكلية أي أثر في معالجة القضايا الملحّة مثل البطالة والتهميش والفساد المتفشي. أما اليوم، فالمتظاهرون يريدون تغييراً حقيقياً وملموساً، كما أنهم لا يثقون بالأحزاب السياسية والمعارضة والطاقم السياسي القديم للقيام بذلك. لذا، من الجزائر حتى بيروت، الصرخة المطالبة برحيل الطبقة السياسية واحدة، والشعار واحد « كلن يعني كلن ».

Comments

Be the first to comment on this article

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Acıbadem evden eve nakliyat, Acıbadem Nakliyat
Bahçeşehir evden eve nakliyat, Bahçeşehir Nakliyat
Evden eve nakliyat, Nakliyat, İstanbul evden eve nakliyat, nakliyat firmaları, nakliye
Şehirler arası nakliyat, Şehirlerarası evden eve nakliyat
evden eve nakliyat ücretleri
evden eve nakliyat ücretleri
eşya depolama uluslararası evden eve nakliyat

istanbul izmir şehirler arası evden eve nakliyat

istanbul izmir evden eve nakliyat

istanbul bodrum evden eve nakliyat

istanbul fetihye evden eve nakliyat

bodrum evden eve nakliyat

istanbul izmir şehirler arası evden eve nakliyat

istanbul izmir evden eve nakliyat

istanbul bodrum evden eve nakliyat

istanbul fetihye evden eve nakliyat

bodrum evden eve nakliyat

uluslararası eşya taşımacılığı uluslararası eşya taşımacılığı eşya depolama yurtdışı kargo uluslararası evden eve nakliyat istanbul ev depolama ev eşyası depolama uluslararası ev taşıma uluslararası evden eve nakliyat uluslararası nakliyat
bursa escort gorukle escort
deneme bonusu deneme bonusu veren siteler
İstanbul İzmir nakliyat İstanbul İzmir evden eve nakliyat ümraniye evden eve nakliyat ümraniye nakliyat kağıthane evden eve nakliyat kağıthane nakliyat çekmeköy nakliyat çekmeköy evden eve nakliyat
deneme bonusu veren siteler deneme bonusu
ankara escort
akü servis akumyolda.comakücü akumyoldaakumyolda.comakumyolda.com akücü
ingilizceturkce.gen.tr
TranslateDict.com is a online platform that specializes in free translation, helping visitors to translate to English from a wide variety of languages.translatedicttranslatedict.com
Free Spanish to English translation services are available at spanishenglish.com to help you understand and communicate in both languages. spanishenglish.com
şehirler arası nakliyat manisa şehirler arası nakliyat şehirler arası nakliyat şehirler arası nakliyat şehirler arası nakliyat profesyonel evden eve nakliyat ofis taşıma sigortalı evden eve nakliyat istanbul evden eve nakliyat
kazansana
Şehirler arası nakliyat
unblocked games io games
evden eve nakliyat fiyatları İstanbul evden eve nakliyat
evden eve nakliyat nakliye şirketi
Sarıyer Evden Eve Nakliyat Şişli Evden Eve Nakliyat İstanbul İzmir Nakliyat, İstanbul İzmir Evden Eve Nakliyat İstanbul İzmir Evden Eve Nakliyat Kağıthane Evden Eve Nakliyat Ümraniye Evden Eve Nakliyat Çekmeköy Evden Eve Nakliyat
https://www.fapjunk.com https://pornohit.net
https://www.fapjunk.com https://pornohit.net
Başakşehir Evden Eve Nakliyat Şişli Evden Eve Nakliyat Göztepe Evden Eve Nakliyat Bakırköy Evden Eve Nakliyat Sancaktepe Evden Eve Nakliyat Mecidiyeköy Evden Eve Nakliyat Fatih Evden Eve Nakliyat Bahçeşehir Evden Eve Nakliyat Esenler Evden Eve Nakliyat İstanbul Evden Eve Nakliyat
london escorts
şehirler arası nakliyat manisa şehirler arası nakliyat Çanakkale şehirler arası nakliyat Balıkesir şehirler arası nakliyat şehirler arası nakliyat şehirler arası nakliyat Tuzcuoğlu nakliyat
evden eve nakliyat istanbul
istanbul evden eve nakliyat Eşya depolama Ev depolama
evden eve nakliyat
İzmir Şehirler Arası Nakliyat Manisa Şehirler Arası Nakliyat Çanakkale Şehirler Arası Nakliyat Balıkesir Şehirler Arası Nakliyat Şehirler Arası Nakliyat
Spanish to English translation is the process of converting written or spoken content from the Spanish language into the English language. With Spanish being one of the most widely spoken languages in the world, the need for accurate and efficient translation services is essential. Spanish to English translation plays a crucial role in various domains, including business, education, travel, literature, and more. Skilled translators proficient in both Spanish and English are required to ensure accurate and culturally appropriate translations. They must possess a deep understanding of both languages' grammar, syntax, idioms, and cultural nuances to convey the original meaning and intent of the source content effectively. Quality Spanish to English translation services help bridge the language barrier and facilitate effective communication between Spanish-speaking individuals and English-speaking audiences.spanishenglish.com
^ TOP