الجديد

في مؤتمر روما الدولي حول “التنمية والهجرة” .. الرئيس سعيد يدعو إلى إنشاء “مؤسسة مالية عالمية جديدة” ويجدد رفضه التوطين المبطن للمهاجرين غير النظاميين

روما 23 جويلية 2023 (وات) –

دعا رئيس الجمهورية قيس سعيّد، إلى إنشاء “مؤسسة مالية عالمية جديدة”، يتم تمويلها من القروض بعد إلغائها، ومن الأموال المنهوبة بعد استرجاعها، قصد ارساء نظام انساني جديد، حتى يحل الأمل مكان اليأس ويعم الرخاء الجميع.

وأكد سعيّد، في كلمة ألقاها اليوم الأحد، خلال مشاركته في المؤتمر الدولي حول “التنمية والهجرة” المنعقد بالعاصمة الإيطالية روما ، على أن الواجب يقتضي من الجميع اليوم وأساسا من منظمة الأمم المتحدة انشاء هذه المؤسسة.

وبين أن هذا المؤتمر، يعد الأول من نوعه الذي يتطرق إلى ملف الهجرة غير النظامية، الذي تحول منذ سنوات الى “مأساة انسانية”، موجها الشكر لرئيسة الوزراء الإيطالية لاستجابتها للمبادرة التونسية للبحث في الحلول.

وشدد على أن معالجة الهجرة غير النظامية، لا تتم بصفة منفردة ولا بواسطة اتفاقيات ثنائية، داعيا المجموعة الدولية إلى البحث عن الحلول بعد تحديد الدوافع والأسباب، قائلا في هذا الصدد “لا تكاد تخلو نشرة أنباء من خبر يتعلق بغرق مركب أو بحث عن جثث أو إحباط عمليات هجرة في عرض البحر أو قبل الإبحار”.

وأضاف قوله ” لقد انتشرت القوارب في كل مكان وانتشرت معها رائحة الموت.. وصارت الهجرة ضربا من الهروب من اليأس والظلم.. كانت الهجرة في القرون الماضية من الشمال الى الجنوب.. بعضها كان طبيعيا كهجرة الايطاليين والمالطيين إلى تونس، واغلبها للأسف كان استعمارا حتى وان تعددت مسمياته”.

ولاحظ رئيس الدولة، أن الهجرة صارت منذ عقود من الجنوب الى الشمال، متسائلا” أليست هذه الهجرة في الاتجاه المعاكس نتيجة للهجرة التي سبقتها في ظل الاحتلال والاستعمار”، مشيرا الى “بيع الأسلحة للدول الإفريقية لتغذية النزاعات، بينما كان بالإمكان استغلال كل هذه الثروات المهدورة في السلاح للقضاء على المجاعات في إفريقيا”.

كما تساءل في هذا الصدد “من أين تأتي أموال السلاح وفي الوقت ذاته لا توجد أموال لزرع الأمل في هذه الدول؟”، مؤكدا أن الأمن لن يستتب ولن يتحقق الاستقرار إذا لم يتم دراسة الأسباب الكامنة وراء انعدام المساواة والأمن، وأن “هذه الجثث التي نراها أمام أعيننا هي جراء فقدان الأمن”.

وأكد أن تونس التي ألغت العبودية منذ سنة 1874 ، واستلهمت منها الدول الأخرى إجراءات هذا الالغاء، لن تقبل ابدا بهذا الصنف من الاسترقاق الذي وجب على الجميع مقاومته، مشددا على أن تونس “لن تقبل بالتوطين المبطن للمهاجرين غير النظاميين، ولن تكون ممرا او مستقرا للخارجين عن القانون”.

كما لفت سعيّد، الى أن الشعب التونسي أعطى دروسا في تغليب القيم الإنسانية، عكس ما تروج له الدوائر المرتبطة بشبكات الهجرة والتهجير والاتجار بالبشر، مبينا أن هذه الشبكات أصبحت تجارتها تحتل المركز الثالث في الأرباح بعد تجارة السلاح والمخدرات، وتدر سنويا على مرتكبيها 150 مليار دولار، وتهدد 25 مليون شخص في العالم.

سعيّد في تصريح إعلامي في قمة روما: “على كل الجهات تحمل مسؤوليتها الأخلاقية.. وتونس لن تكون ممرا أو مستقرا للمهاجرين غير النظاميين

و أفاد الرئيس سعيد، بأنه تم التأكيد بوضوح، في المؤتمر الدولي رفيع المستوى المنعقد اليوم الأحد بالعاصمة الإيطالية روما، والذي يعد الأول من نوعه حول الهجرة غير النظامية بمبادرة تونسية، على ان تونس “ترفض رفضا قاطعا أن تكون ممرا أو مستقرا للمهاجرين غير النظاميين، وأن خافرات السواحل التونسية لن تحمي إلا السواحل التونسية”.

وأضاف سعيّد، في تصريح أدلى به لوسائل الاعلام العمومية، أن المؤتمر كان مناسبة لتحميل كل الجهات المسؤولية الاخلاقية التي تقوم على المبادئ والقيم الانسانية، فضلا عن طرح جملة من القضايا الاخرى المتصلة بالمهاجرين الذين يأتون الى تونس في إطار القانون، والمهجّرين الذين يأتون بفعل الشبكات الاجرامية التي تتاجر بالبشر وأعضائهم.

وعبر عن الاعتزاز بانتمائنا الافريقي، قبل أن يستدرك أنه “لا يمكن لأية دولة أن تقبل بأن يتم إنشاء محاكم على أرضها أو محاضن أو مجلة أحوال شخصية خاصة بهؤلاء المهجّرين”

وتساءل قائلا “كيف جاؤوا الى تونس؟ كيف لشخص من أدغال افريقيا أن يعلم أن وجهته ستكون مدينة صفاقس؟ وهو ما يؤكد أن شبكات الاتجار بالبشر التي تحتل المركز الثالث في الأرباح بعد تجارة السلاح والمخدرات، ويجني أصحابها سنويا 150 مليار دولار، هي من تقف وراء هذه الظاهرة.

كما ذكّر بأن الهجرة كانت في اتجاه الجنوب زمن الاستعمار وحتى قبله، وأصبحت اليوم في الاتجاه المعاكس نحو الشمال نتيجة البؤس والفقر والتقسيم العالمي للعمل، قائلا “كأن العالم ينقسم الى نصف يعتبر من الذوات البشرية، ونصف مفقّر ومهمش كأنه من صنف خاص من البشر”.

وشدد رئيس الدولة في تصريحه، على ضرورة القضاء على الأسباب الكامنة وراء تنامي ظاهرة الهجرة غير النظامية، وكذلك ضرورة إنشاء صندوق يتم تمويله من القروض التي يتم الغاؤها وتحويلها الى هذا الصندوق وكذلك من الاموال المهربة في بنوك الشمال، بما يتيح توفير ظروف حياة افضل لضحايا التهجير.

وقال في هذا الصدد “عار على الانسانية اليوم أن يكون هناك في مثل هذا الحر وتحت أشعة الشمش الحارقة، أشخاص دون ماء ومأوى ويفترشون الارض”.. مشددا على “أن التونسيين وعلى عكس ما يروج له الكثيرون، قاموا بواجبهم الاخلاقي أكثر مما قامت به بعض المنظمات الدولية، التي كان من المفترض أن تضطلع بدورها الانساني لكنها اكتفت بالبيانات”..

وختم رئيس الدولة تصريحه بالتعليق قائلا “هؤلاء المهجرّون الذي يتضوّرون جوعا لا يمكن أن يسدّ رمقهم بيان صادر عن هذه المنظمة أو تلك”.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP