الجديد

الياس الفخفاخ..القطيعة والاستمرارية

بقلم: خالد شوكات
الشخصيات الثلاث التي اختارها الرئيس قيس سعيّد لاجتياز الاختبار النهائي، كانت في رأيي موفقة، وبينها خصائص إيجابية مشتركة، فهم جميعا من ذوي الخلفية الاقتصادية، ومروا بتجارب وزارية، وتركوا اثرا طيبا عند مرورهم بالحكومة، وقد تولوا جميعا وزارة المالية، فضلا عن كونهم شباب تتراوح أعمارهم بين 47 و57، وسيرتهم الذاتية طيبة حافلة بالشهادات العلمية والخبرات العملية الوطنية والدولية، ولديهم التزام ديمقراطي واضح وارتباط متفاوت بأهداف الثورة.
لم يسبق لهم تولي مسؤوليات حكومية في النظام السابق، ويمكن القول بأنهم أبناء الدولة الوطنية المستقلة ونتاج النظام الجمهوري الاجتماعي بامتياز، ولهذا كان الاختيار بينهم صعباً، تماما كالمهمة التي تنتظر من اختير لتولي المسؤولية من بينهم، وهي مهمة شبه مستحيلة، خصوصا اذا لم يجد الرجل العون المناسب من الأطراف الحزبية المعنية تقديرا لمقتضيات المصلحة الوطنية ومستلزمات المرحلة التي جعلت بلادنا على شفير الهاوية تكاد تقع فيها والله حاميها.
الياس الفخفاخ قد لا يكون الافضل، وليس هناك افضل في حقيقة الامر، ولكنه من الفضلاء المشهود لهم بالنزاهة، وهو من السياسيين الشباب الذين يمتلكون رؤية اصلاحية أعلن عنها في برنامجه خلال الانتخابات الرئاسية، التي اختار فيها الشعب رجلا قال انه لا برنامج لديه، ونحن الان بين خيارين، اما رفض حكومة الفخفاخ وتعميق الأزمة السياسية التي تعيشها بلادنا، او مساعدة الرجل على تنفيذ برنامجه الاصلاحي الذي أعلن عنه خلال حملته الرئاسية، وفتح آفاق جديدة امام المشروع الديمقراطي المهدّد، والمنوال التنموي الجديد الذي تتطلع بلادنا لإرسائه، وانا مع الخيار الثاني.
التكتل الذي جاء منه الفخفاخ، هو سليل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ووريثها، وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين هي اول من مثّل الاتجاه الديمقراطي الاجتماعي في حزب الحركة الوطنية الاصلاحية التونسية، وقد تميّزت فلسفة المعارضة من داخل النظام التي قادها الاستاذ احد المستيري خلال السبعينات من القرن الماضي، على منطق القطيعة والاستمرارية في الان، القطيعة مع ما هو سلبي في السيستام ومواصلة ومراكمة ما هو إيجابي، وتلك هي النقطة الجوهرية في العقيدة الاصلاحية التونسية، وهي مسألة تستحضر من قبل الإصلاحيين في جميع اللحظات المفصلية، من قبيل اللحظة الراهنة التي نعيش.
وخلافا لتقدير البعض، فان حركة نداء تونس لم تكن الا حلقة من حلقات هذا التوجه الوطني الوسطي المعتدل، من خلال العمل على الحفاظ على مكتسبات الجمهورية والاندماج في المشروع الديمقراطي.
قد لا يكون هذا موقف اخواني ورفاقي في الحركة، او قد يكون لاحقا موقفهم، فنحن لم نناقش بعد الامر، ولكنني لم أتردد يوما في اعلان ما اراه مناسبا، حماية للدولة وصونا للديمقراطية ودفاعا عن الاستقرار وسعيا لتنمية شاملة ومستدامة ومتوازنة.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP