الجديد

سلمى اللومي .. وبداية البحث عن  "أمل" جديد لتونس

خديجة زروق
يمكن القول دون مواربة، ان سلمى اللومي، تمثل الى حد كبير ما يشبه الاستثناء، في مستوى “الزعامات النسائية التونسية “، التي تتصدر المشهد السياسي التونسي، في سياق “الغليان السياسي و الكلامي ” الذي تعيش تونس على وقعه منذ سنوات .
لم تأت سلمى اللومي، الى صدارة المشهد السياسي التونسي، من ميدان النضال الحقوقي و النقابي، و لم يسبق لها ان انتمت للنظام السابق، وان  كانت من رموزه او اطاراته . و سلمى اللومي، ابعد من ان تكون قد تقاطعت او تعاطفت ذات يوم مع الاسلام السياسي و اطروحاته .
انها امرأة متحررة، و متخلصة الى ابعد الحدود من تفاصيل الماضي، و ما يختفي داخلها من حسابات شخصية، و من مواقف غالبا ما تقود الى التشنج، و الى الوقوع في منطق تصفية الحسابات و “الصراعات الشخصية ” .

لا يمثل الماضي بالنسبة لسلمى اللومي، التي حسمت أمرها بعد تردد طويل، واختارت تأسيس حزب “الأمل”، من أجل فتح افاق امل جديد لتونس، تركت وراءها الماضي بعد قراءة نقدية هادئة وبلا ضجيج، شعارها في ذلك صفر مشاكل، مع ذلك فانها تصل اليوم بالغد ولا تقطع مع جوانبه المشرقة والايجابية، نعني هنا تجربة العمل السياسي /الحزبي والحكومي خلال السنوات التي تلت الثورة، تجربة بالنسبة لللومي، يتعين الدفاع عن مكاسبها و العمل على تجاوز سلبياتها .
هذه الرؤية، هي التي جعلت سلمى اللومي، تلتحق بالباجي قائد السبسي، لما اسس “نداء تونس” ، دفاعا عن المكاسب المجتمعية، و في مقدمتها المكانة المتميزة للمرأة، و التمسك بقيم الجمهورية .
و اذا كان اغلب الذين انتسبوا للدائرة المقربة، من رئيس النداء الباجي قائد السبسي، قد اصبحوا من “نجوم البرامج الاذاعية و التلفزية “، لشدة حرصهم على الظهور الاعلامي، فان سلمى اللومي، قد اختارت اسلوب العمل بصمت، و بلا كلل في مشروع  له على الاقل بعدان و هما : بناء حزب في وقت قياسي، و احداث التوازن السياسي المنشود.
لا شك ان سلمى اللومي، قد استفادت من المساهمة في انجاح هذا المشروع، من تخصصها العلمي في مجال علوم التصرف و ادارة المؤسسات و الازمات، و ما راكنته من خبرة و تجربة من خلال اشرافها على تسيير عدة منشات اقتصادية، و ايضا رئاسة “الغرفة الوطنية للنساء صاحبات المؤسسات ” ، التي كانت وراء تأسيسها من اجل تعميق مساهمة المرأة التونسية في الاقتصاد.
هذه الصفات، الى جانب قدرتها على الكتمان و الابتعاد عن التجاذبات الشخصية، منحتها ثقة الباجي قائد السبسي، و جعلها تتحمل في السنوات الاخيرة عدة مهام، من ابرزها وزارة السياحة و الصناعات التقليدية و الاشراف على الديوان الرئاسي .
في المهمتين تركت سلمى اللومي بصمتها الواضحة، فمعها اخذت السياحة التونسية في التعافي و في الاقتراب من ارقام 2010 القياسية، و ابتعد المستشارون في رئاسة الجمهورية، عن التجاذبات التي تعيش على وقعها حركة “نداء تونس” .
و اذا كانت سلمى اللومي، قد خيرت الاستقالة من موقعها كوزيرة لترأس ديوان رئيس الجمهورية،  ثم استقالت منه لاحقا، فإنها فضلت الاحتفاظ بأسباب الاستقالة لنفسها، و هو ما يمثل دليلا اضافيا على تمسكها بواجب التحفظ الذي تفرضه المواقع المتقدمة في المسؤولية وفي الدولة
لا شك ان ما يميز سلمى اللومي، في مستوى القيادات السياسية النسائية التونسية، هو الهدوء و خلو الخطاب من كل تشنج او تصعيد او ميل للسجال . هذا العامل الى جانب ملامح الوجه التي تمنح الشعور بالطمأنينة و بالرفعة قد تجعل من سلمى اللومي “الاخت الكبرى”، التي يبحث عنها عدد كبير من ابناء و بنات الشعب التونسي الذين لم يزدهم الخطاب السياسي المتشنج الا توترا و اضطرابا ونفورا من الاهتمام بالشأن العام.
“الامل “، هو المفهوم الذي أقامت حوله سلمى اللومي مشروعها السياسي، الذي وضعت له سقفا عاليا، و هو تجميع العائلة الوسطية، و خاصة استرداد الوحدة الندائية المفقودة.

مهمة يدرك الجميع صعوبتها و تعقدها و يعرف الملاحظون ان النجاح فيها قد يمنح سلمى اللومي اجنحة تجعلها تتحول في المستقبل القريب الى رقم مهم، يصعب تخطيه في تونس الغد ، التي تحتاج الى ان تكون فعلا تونس الامل و العمل …

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP