الجديد

مع الناس /ريبورتاج/ : الكريدي: ملجأ التونسي اليوم .. في زمن "الغلاء الفاحش"

درصاف اللموشي
“الرجاء الدفع مسبقا” “ممنوع الكريدي دون احراج” …لافتات تعترضك في بعض المحلات كمحظورات يُمنع ارتكابها نهائيا أو جرم وجب عدم الوقوع فيه لكنها لافتات مرغوبة عكس ما تظهره، خلفها يُسمح بالكريدي حسب علاقتك الشخصية مع البائع، واتفاقك معه حول طريقة الدفع عندها فقط يصبح الممنوع مُباحا دون عوائق .
الكريدي .. قوة دعم لجيب المواطن
“من ينتهي مرتبه من الأيام الأولى لن يجد حلا غير الكريدي” بهذه الكلمات برّرت خديجة اضطرارها للتعامل مع بائع المواد الغذائية في حيها، فهي غير مجبرة عندما ينتهي مرتبها أن تدفع بالحاضر، أو أن تبقى بلا مواد غذائية وأضافت “بيني وبين البائع ثقة، دفتر نعتمده نسجّل فيه ما استهلكته شهريا لأدفع المستحقات كلما أتحصّل على أجري”. في هذه الحالة البائع في الحي يعرف الشاري ومقرّ سكناه وتفاصيل دقيقة عن يومياته تجعله يثق به ويُسلّمه البضاعة بلا تردّد.
وذكرت مُحدّثتنا “صحيح أن الفضاءات أوالمغازات الكبرى تتوفر بها بعض السلع التي لا نجدها في المحلات الصغيرة (عطار الحومة)  خاصة المستوردة منها، لكن هذه الفضاءات لا تثق في حريفها ولا ينصرف قبل أن يدفع ما اشتراه كاملا دون نقصان ولا تمهله بعض الوقت”.
غلاء الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية دفع المواطن لـ “الكريدي” كملاذ وقتي يلجأ اليه كلما ازدادت مصاريفه وارتفعت الأسعار.. هنا يقول  منير “الكريدي لا يقتصر على الفئات الضعيفة أو من دخله بسيط بل يشمل أيضا أصحاب الدخل المرتفع والفئات المتوسّطة وأنا موظف عمومي ودخلي محترم الا أن الكريدي أمر اعتدته كي يكفيني المرتّب وأحيانا أخرى كي أُوفّر بعض القليل من المال”
الكريدي .. بلاء مُرهق 
الكريدين يمثل فرجا لكربة العديد من الحالات لكن قد يصبح هما يزداد الى هموم المواطن اليومية. فعندما يرتفع الدين يضطر أحيانا المواطن الى تغيير البائع الى بائع آخر عادة من نفس الحي، الكريدي أيضا دفع مؤجل وليس ملغى ويتحوّل المرتب الى قصاصات مقسّمة تُدفع لبائع المواد الغذائية وللصيدلية ولبائع الملابس وللمكتبة .. يقول محمد “ما ان أقبض المرتب حتى أقوم على الفور بتوزيع الأقساط على العديد من المحلات الى الآن لم أدفع ثمن الأدوات المدرسية  والصيدلية أيضا تأخذ نصيبا هاما من المرتّب” .
بعض الصيدليات لا تجد حرجا في امهال حرفائها وعدم اجبارهم على دفع ثمن الأدوية عند شرائها، حتى أنها أصبحت لا تختلف عن بائع المواد الغذائية في تدوين دفاتر خاصة بالحرفاء المُدانين.
فئة من التجار اختارت التعامل بقاعدة الكريدي لا يصال سلعها الى فئة أكبر من الشارين وحتى لا تتكدّس سلعها أكثر لكن هذه الطريقة أضرّت بفئة أخرى من البائعين على غرار أمل التي أفادتنا بأنها “فتحت محلا لبيع المفروشات والملابس الجاهزة ومواد التجميل، بضاعتي أجلبها من القطر الجزائري أو من بن قردان التي تدخل اليها من ليبيا لكن أغلقت المحلّ ليس لأن سلعي لا تلقى رواجا بل لأن من منحتهم بضاعتي دون دفع بالمسبق رفضوا خلاصها وكل مرّة يماطلونني رغم أنني أعرفهم شخصيا، وأنا أتحمّل مصاريف سفري من أجل توفير البضاعة وكراء المحل وفاتورة الكهرباء”.
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP